٣ - ومنها- أنه لو وجب العمل بالمراسيل، لوجب العمل بإرسال من أرسل في عصرنا، بأن [قال]: قال النبي صلي الله عليه وسلم، والأمر بخلافه.
والجواب:
أما الأول- قلنا: لا نسلم بأن ترك الراوي ذكر من يروى عنه، يتضمن ما قلتم، لما ذكرنا أن ثقة الراوي تشهد بعدالة من يروى عنه.
وقوله- بأن العدل قد يروى عن عدل، أو يجوز أن يكون عدلاً عنده ولا يكون عدلاً عند غيره- قلنا: إن جاز ذلك، لكنه خلاف الظاهر والغالب، لما ذكرنا. والغالب لا يبطل بالجواز النادر- ألا ترى أنه لو ذكر الراوي، وقال: هو عدل عندي، لا يمتنع، لو تفحصنا عن حاله، أن لا يكون عدلاً في نفسه، ولا يمنع ذلك قبول روايته- كذا هذا.
وقوله: إن ذكر اسمه ولم يقل هو عدل عندي، لا يقبل. قلنا: بعضهم قالوا: يقبل، وذكر اسمه والرواية عنه تعديل. إلا أن هذا غير صحيح، لأنه يوجب سقوط النظر في أحوال المحدثين، لأن عدالة الراوي تشهد بعدالة من يروى عنه، وعدالة من يروى عنه تشهد بعدالة من روى عنه، إلى أن يتصل بالنبي عليه السلام، وفى ذلك سقوط النظر في أحوال المحدثين مع الفساد فيما بينهم- وهذا مذهب رديء. والصحيح أنه إذا أرسل سقط وجوب النظر.