للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فارسان، تحت كل واحد منهما قطيفة بيضاء، فقالا لي: يا عبد الله اسلك هذه السكة، فإنك تنتهي إلى بركة فيها ماء، فاستق منها ولا يهولك ما ترى، فسألتهما عن تلك البيوت المغلقة التي تُجأجئ فيها الريح، فقال: هذه بيوت فيها أرواح الموتى، فخرجت حتى انتهيت إلى البركة، فإذا فيها رجل معلق مصوب (١) على رأسه، يريد أن يتناول الماء بيده، وهو لا يناله، فلمّا رآني هتف بي وقال: يا عبد الله اسقني، فغرفت بالقدح لأناوله إياه فقبضت يدي، فقال لي: بلّ العمامة ثم ارم بها إليّ فبلّلتُ العمامة لأرمي بها إليه، فقبضت يدي، فقلت: يا عبد الله: قد رأيت ما صنعت فقُبضت يديّ فأخبرني من أنت؟ قال: أنا ابن آدم، أنا أول من سفك دمًا في الأرض (٢).

وأخرج أبو نعيم، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: بينا رجل في مركب في البحر، إذ انكسرت بهم مركبهم، فتعلق بخشبة، فطرحته إلى جزيرة من الجزائر، فخرج يمشي فإذا هو بماء فاتبعه، فدخل في شعب فإذا برجل في رجليه سلسلة، مربوط فيها، بينه وبين الماء شبر، فقال: اسقني رحمك الله، قلت: مالك؟ قال: ابن آدم الذي قتل أخاه، والله ما قُتِلتْ نفس ظلمًا منذ قَتلتُ أخي، إلَّا عذبني الله بها؛ لأني أوّل من سنّ القتل (٣).


(١) في (ب) "مصلوب" والمثبت من (أ)، و (ط).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "من عاش بعد الموت" (٤٨).
(٣) رواه أبو الشيخ في العظمة ٤/ ١٤١٤ (طبعة العاصمة).