للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها كالقالب، قال: ومن هنا يعلم أنها تؤخذ من بدنها صورة تميز بها عن غيرها، فتميز الروح عن الروح وصفاتها أعظم مِن تميز البدن عن البدن بصفاته، وحاصل الجواب أنّها تَؤخذ من بدنها صورة متميزة، عن غيرها تميزًا بيّنًا لا خفاءَ معه ولا اشتباه والله الموفق.

فإن قيل النفسُ واحدة أم ثلاثة؟، فقد وقع في كلام كثير أن لابن آدم ثلاثة أنفس، مطمئنة ولوّامة وأمّارة، وأن منهم من يغلب عليه هذه، ومنهم من يغلب عليه الأخرى ويحتجون على ذلك بقوله تعالى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧)} [الفَجر: الآية ٢٧] وبقوله: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١)} وقوله: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)} [القِيَامَة: الآية ١، ٢] وقوله: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يُوسُف: الآية ٥٣].

فالجوابُ كما قال المحقق: إنها نفس واحدة ولكن لها ثلاث صفات، تسمى باعتبار كلّ صفة باسم، فتسمّى مطمئنّة، باعتبار طمأنينتها إلى ربّها بعبوديّته ومحبته والإنابة إليه، والتوكل عليه، والرضى به والسّكون إليه فالطمأنينة إلى الله سبحانه، خفية ترد منه سبحانه على قلب عبده المؤمن تجمعه عليه، ولا يمكن حصول الطمأنينة الحقيقة إلّا بالله وبذكره، وهو كلامه المنزل على نبيّه المرسل، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)} [الرعد: الآية ٢٨] فإن طمأنينتَه سكونهُ واستقراره. بزوال القلق، والانزعاج والاضطراب عنه وهذا لا يتأتى بشيء سوى الله وذكره البتة، وأطال. فراجعه.