للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المحقّق: معلوم أنهم إنما يسئلونه من أمر لا يُعرف إلّا بالوحي، وذلك هو الروح الذي عند الله، لا يعلمها الناس وأمّا أرواح بني آدم فليست من الغيب، وأطال فراجعه:

وأمّا استدلالهم بإضافتها إلى الله سُبحانه وتعالى بقوله {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحِجر: الآية ٢٩] فينبغى أن تعلم أنّ المضاف إلى الله سبحانه نوعان "صفات لا تقوم بأنّفسها، كالعِلم والقُدرة والسّمع والبصر، فهذه إضافة صفة إلى الموصوف بها (فعلمه وقدرته، وكلامه وإرادته وحياته) (١) صفات له غير مخلوقة، وكذلك وجهه ويده سبحانه، والثاني:

إضافة أعيان منفصلة كالبيت والعبد والناقة والرّسول والرّوح، فهذه إضافة مخلوق إلى خالقه ومصنوع إلى صانعه، ولكن إضافته تقتضي تخصيصًا أو تشريفًا يتميز به المضاف إليه من غيره، كبيت الله وإن كانت البيوت كلها مُلكًا له، وكذلك ناقة الله فالإضافة الخاصّة تقتضي محبته لها، وتكريمه وتشريفه، بخلاف الإضافة العامة، فإنها تقتضي الخلق والإيجاد، والخاصّة تقتضي الاختيار وربّك يخلق ما يشاء ويختار، وإضافة الرّوح إليه من هذه الإضافة الخاصّة لا مِن العَامة، ولا من باب إضافة الصّفات فتأمّل هذا الموضع، فإنّه يخلّصُك من ضلالات كثيرة، وقع فيها ما يشاء الله من الناس.

قال المحقّق: فإن قيل: فما تقولون في قوله تعالى: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحِجر: الآية ٢٩] فأضاف النفخ إلى نفسه وهذا


(١) في العبارة تقديم وتأخير في (ب)، و (ط).