للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ} [النّحل: الآية ٧٧]، وكذلك لفظُ الخلق يُستعمل بمعنى المخلوق كقوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} [لقمَان: الآية ١١] أي: مخلوقه وكقوله للجنة "أنتِ رحمتي، أُسْكِنُكِ مَن شِئتُ من خلقي" (١) أو كما ورد فليس في قوله {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسرَاء: الآية ٨٥] ما يدل على أنّها قديمة غير مخلوقة، بِوَجْهٍ ما. وقد قال بعض السّلف في تفسيره المراد بالرّوح في الآية، أنه جَرى بأمر الله في أجْساد الخلق، وبقدرته استقرّ، وهذا بناء على روح الإنسان، وفي ذلك خِلاف بين السلف والخلف، وأكثر السّلف بل كُلهم على أنّ الزوح المسئول عنها في الآية، ليست أرواح بني آدم بل هي الروح الذي أخبر الله عنه في كتابه، أنه يقوم يوم القيامة مع الملائكة، وهو ملك عظيم.

وقد ثبت في الصحيح من حديث عبد الله قال بينا أنا أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن قال فمررنا على نفرٍ من يهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الرّوح وقال بعضهم: لا تسألوه عسى أن يجيء فيه بشيء تكرهونه، وقال بعضهم نسأله فقال رجل يا أبا القاسم: ما الروح؟ فسكت عنه - صلى الله عليه وسلم - فعلمت أنه يوحى إليه فقمت فلما تجلى عنه قال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)} [الإسرَاء: الآية ٨٥] (٢).


(١) البخاري (٤٨٤٩، ٤٨٥٠) بلفظ: "أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي".
(٢) رواه البخاري (١٢٥) و (٤٧٢١) و (٧٢٩٧) و (٧٤٥٦) و (٧٤٦٢) من حديث ابن مسعود رَضِي اللهُ عَنْهُ.