ألفاظ لا تجري على القرآن؛ لأنّا نسمّيه مولودًا وطفلا وجنينا، وغُلامًا يأكل ويشرب، وهو مخاطب بالأمر والنهي ويجري عليه الخطاب، الوعد والوعيد، ثم هو من ذرية نوح، ومن ذرية إبراهيم، فلا يَحل لنا أن نقول في القرآن ما نقوله في عيسى، فهل سمعتم الله يقول في القرآن ما قال في عيسى؟
ولكن المعنى في قوله {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ}[النساء: الآية ١٧١] فالكلمة التي ألقاها إلى مريم حين قال له: كن فكان عيسى بكن، وليس عيسى هو كن ولكن كان بكن، فكن من الله قول وليس كن مخلوقًا، وكذبت النصارى والجهمية على الله في أمر عيسى؛ وذلك أن الجهمية قالوا: روح الله وكلمته إلا أن كلمته مخلوقة وقالت النصارى: عيسى روح الله وكلمته في ذاته، كما يُقال هذه الخرقة من هذا الثوب قلنا: نحن إنّ عيسى بالكلمة كان، وليس هو الكلمة، وإنما الكلمة قول الله كن، وقوله وروح منه نقول: من أمره كان الرّوح فيه كقوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ}[الجَاثيَة: الآية ١٣] يقول من أمره وتفسير روح الله إنما معناه بكلمة الله خلقها، كما يقال عبد الله وسماء الله (١). وأرض الله فقد صرح بأن روح المسيح مخلوقة فكيف سائر الأرواح، وقد أضاف الله إليه الرّوح الذي أرسله إلى مريم، وهو
(١) الرد على الزنادقة للإمام أحمد ص ١٢٤، ط دار اللواء بالرياض، الكلام بنصه نقله ابن تيمية في "درء تعارض العقل والنقل" ٧/ ٢٥٨ عن الإمام أحمد.