للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحو قول الآخر:

وأغناهما أرضاهما بنصيبه ... وكلٌّ له رزقٌ من الله واجب

فألأم الأحياء، وأغناهما خبران مقدمان، وأكرمها وأرضاهما مبتدآن مؤخران، مع التساوي في التعريف، لأن المعنى إنما يصح بذلك. ومثل ذلك قول الآخر:

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناءُ الرجال الأباعد

فبنونا خبر مقدم، وبنو أبنائنا مبتدأ مؤخر، لأن مراد القائل الإعلام بأن بني أبنائهم كبنيهم، فالمؤخر مشبه، والمقدم مشبه به، لا يستقيم المعنى إلا بهذا التأويل، والأصْل تقديم المشبه وتأخير المشبه به، كقولك: زيد زهير شعرا، وعمرو عنترة شجاعة، وأبو يوسف أبو حنيفة فقها، وسهل في البيت العكس وضوح المعنى، والعلم بأن الأعلى لا يشبه بالأدنى عند قصد الحقيقة، فلو تقدم زهير على زيد، وعنترة على عمرو، وأبو حنيفة على أبي يوسف لم يمتنع، لأن المعنى لا يُجْهَل. ومن تقديم الخبر وهو معرفة للعلم بكونه خبرا قول الشاعر:

جانيك مَنْ يجني عليك وقد ... تُعْدى الصحاحَ مَباركُ الجُرْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>