أي جانيك الذي تعود جنايته عليك، يعني العاقلة، فمن يجني مبتدأ، لأن المعنى عليه.
ومن تقديم الخبر لوضوح المعنى مع مساواته المبتدأ في التنكير قوله صلى الله عليه وسلم:"مسكين مسكين رجل لا زوج له".
ولو كان المبتدأ مخبرا عنه بفعل فاعلُه ضمير مستتر نحو: زيد قام، لم يجز تقديم الخبر، لأن تقديمه يوهم كون الجملة مركبة من فعل وفاعل. فلو برز فاعل الفعل جاز التقديم، كقولك في: الزيدون قاموا: قاموا الزيدون، على أن يكون "قاموا" خبرا مقدما، ولا يمنع من ذلك احتمال كونه على لغة: أكلوني البراغيث، لأن تقديم الخبر أكثر في الكلام من تلك اللغة، والحمل على الأكثر راجح.
ومما يمنع تقديم الخبر اقترانه بالفاء نحو: الذي يأتيني فله درهم، لأن سبب اقترانه بالفاء شبهه بجواب الشرط، فلم يجز تقديمه، كما لا يجوز تقديم جواب الشرط.
ومما يمنع تقديم الخبر اقترانه بإلا لفظا أو معنى، كما في قوله تعالى:(وما محمد إلا رسول) وكقوله تعالى (إنما أنت نذير) وأشرت بقولي: في "الاختيار" إلى أن تقديم الخبر المقترن بإلا قد يرد في الشعر، كقول الكميت:
فيا ربِّ هل إلا بك النصرُ يُبْتَغى ... عليهم وهل إلا عليك المُعَوَّل
ومما يمنع تقديم الخبر اقتران المبتدأ بلام الابتداء، لأن اقترانها به يؤكد الاهتمام بأوليته، وتقدم خبرها عليها مناف لذلك فمنع، ولأجل استحقاقها للتصدير امتنع تأثر مصحوبها بأفعال القلوب في نحو: علمت لزيدٌ كريم، فإن قوقع ما يوهم تقديم خبر مصحوبها حكم بزيادتها، أو بتقدير مبتدأ بينها وبين مصحوبها الظاهر، كقول الشاعر: