والمبتدأ عند سيبويه في نحو: كم مالك؟ "كم" مع أنه نكرة، والخبر "مالك" مع أنه معرفة، وكذا نحو: مررت برجل أفضلُ منه أبوه، أفضل عنده مبتدأ، وأبوه خبر، فجعل النكرة مبتدأ، والمعرفة خبرا، لأن وقوع ما بعد أسماء الاستفهام نكرة وجملة وظرفا أكثر من وقوعه معرفة، وعند وقوعه غير معرفة لا يكون إلا خبرا نحو: من قائم؟ ومن قام؟ ومن عندك؟ فحكم على المعرفة بالخبرية ليجرى الباب على سنن واحد، وليكون الأقل محمولا على الأكثر، والكلام على أفعل التفضيل كالكلام على أسماء الاستفهام.
ص: والأصل تأخير الخبر، ويجوز تقديمه إن لم يوهم ابتدائية الخبر، أو فاعلية المبتدأ، أو يقرن بالفاء، أو بإلا لفظا أو معنى في الاختيار، أو يكنْ لمقرون بلام الابتداء، أو لضمير الشأن أو شبهه، أو لأداة استفهام، أو شرط، أو مضاف إلى إحداهما.
ش: قد تقدم الإعلام بأن المبتدأ عامل في الخبر، وإذا كان عاملا فحقه أن يتقدم كما تتقدم سائر العوامل على معمولاتها، لا سيما عامل لا يتصرف، ومقتضى ذلك التزام تأخير الخبر، لكن أجيز تقديمه لشبهه بالفعل في كونه مسندا، ولشبه المبتدأ بالفاعل في كونه مسندا إليه. إلا أن جواز تقديمه مشروط بالسلامة من اللبس. فلو كان المبتدأ والخبر معرفتين أو نكرتين وجب تقديم المبتدأ، لأنه لا يتميز من الخبر إلا بذلك، فإن كان له قرينة معنوية يحصل بها التمييز لم يجب تقديم المبتدأ، وذلك نحو قول حسان رضي الله عنه:
قبيلةٌ ألأَمُ الأحياء أكرمُها ... وأغْدَرُ الناس بالجيران وافيها