قبله، ثم حكى عن الخليل ما يدل على حقيقة الجازم. وهذا الذي ذكره السيرافي هو الذي يعول عليه في هذه المسألة. والله أعلم.
ص: والأمر المدلول عليه بخبر أو اسم فعل كالمدلول عليه بفعله في جزم الجواب لا في نصبه، خلافا للكسائي فيه وفي نصب جواب الدعاء المدلول عليه بالخبر، ولبعض أصحابنا في نصب جواب نَزال وشبهه.
فإن لم يحسن إقامة: إنْ تفعل وإنْ لا تفعلْ مقام الأمر والنهي لم يجزم جوابهما، خلافا للكسائي.
ش: قد يُلْحق الأمر الذي بلفظ الخبر واسم الفعل بفعل الأمر، فيكون لهما جواب مجزوم، كقولهم: حسبك ينم الناس، واتقى الله امرؤ فعل خيرا يثبْ عليه. لأنه بمعنى: اكتف، وليتق. ومنه قوله تعالى:(تؤمنون بالله ورسوله، وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفرْ لكم ذنوبكم) فيغفر جزم لأنه جواب لتؤمنون، لكونه في معنى آمنوا.
وأجاز الكسائي أن يكون للأمر بلفظ الخبر، ولاسم الفعل جواب منصوب بعد الفاء نحو: صه فاحدثَك، ونَزالِ فأنزلَ، وحسبك الحديث فينامَ الناسُ. والقياس يأبى ذلك، ولأن المصحح للنصب بعد الفاء بإضمار أن إنما هو تأويل ما قبلها بمصدر ليصح العطف عليه، فإذا كان قبل الفاء أمر بلفظ المبتدأ والخبر، أو اسم فعل تعذر تأوله بالمصدر، لتعذر تقدير صلة لأن، فامتنع نصب ما بعد الفاء، ومن ثم لم يوافق الكسائي فيما ذهب إليه أحدٌ. إلا أن بعض أصحاب كتاب سيبويه، وهو أبو الحسن بن عصفور أجاز نصب جواب اسم الفعل المشتق من مصدر نحو: نَزالِ ودَراكِ، ولم يجز نصب جواب الأمر بلفظ الخبر، ولا نصب جواب اسم الفعل غير المشتق. وليس في كون نزال وشبهه مشتقا من لفظ المصدر ما يسوغ تأوله بالمصدر، فإن المصحح للنصب في نحو: أنزل