للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال أو النعت على الاستئناف، ولم يجز جزمه لأن النفي ليس مثل الطلب في دلالته على الشرط، وفي اقتضائه له.

واعلم أن الجواب المذكور لا خلاف في أنه جزاء شرط من جهة المعنى، ولكن اختلف في الذي عمل فيه الجزم ما هو، فقال أكثرهم: الجواب مجزوم بشرط مقدر دل عليه ما قبل. وقال قوم: هو مجزوم بنفس ما قبله، لتضمنه معنى الشرط، وهو ضعيف، لأن التضمن زيادة بتغيير للوضع، والإضمار زيادة بغير تغيير، فهو أسهل، ولأن التضمين لا يكون إلا لفائدة، ولا فائدة في تضمين الطلب معنى الشرط، (لأنه يدل عليه بالالتزام، فأي فائدة في تضمنه لمعناه؟ واختار شيخنا رحمه الله تعالى أن الجواب مجزوم بفعل الطلب لما فيه من معنى الشرط) أخذا بظاهر كلام سيبويه، قال في شرح الكافية: وأكثر المتأخرين ينسبون جزم جواب الطلب لإن مقدرة، والصحيح أنه لا حاجة إلى تقدير لفظ إنْ، بل تضمن لفظ الطلب لمعناها مغن عن تقدير لفظها كما هو مغن أسماء الشرط، نحو: "مَنْ يأتني أكرمْه" قال: وهذا هو مذهب الخليل وسيبويه رحمهما الله.

ولا شك أن سيبويه قال: "فأما الجزم بالأمر فكقولك ايتني آتك، وأما الجزم بالاستفهام فكقولك: ألا تأتيني أحدثْك، وأما الجزم بالتمني فكقولك: ليته عندنا يُحدثْنا، وأما الجزم بالعرض فكقولك: ألا تنزلُ تُصبْ خيرا. وإنما انجزم هذا الجواب فكما انجزم جواب: إن تأتني، بإن تأتني" ثم قال: وزعم الخليل أن هذه الأقاويل كلها فيها معنى إنْ، فلذلك انجزم الجواب.

وليس ذلك من سيبويه محمولا على ظاهره، قال السيرافي: هذه الأشياء التي ذكرناها من الأمر والنهي والاستفهام والتمني والعرض تغني عن ذكر الشرط بعدها، ويكتفى بذكرها عن ذكره، فلذلك تجوز سيبويه في عبارته، فأوهم أن هذه الأشياء هي الجازمة لما بعدها، ثم قال: وهذا من سيبويه مسامحة في اللفظ واتساع، كما اتسع في نصب الظرف، وقال في نحو: زيد خلفك، النصب بما

<<  <  ج: ص:  >  >>