للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سخطك، فتنصب كما بعد الأمر والنهي، قال الشاعر:

فيا ربّ عجِّلْ ما نُؤَمِّلُ منهم ... فيدفأ مَقْرُورٌ ويشبعَ مُرْمِل

وقال آخر:

ربِّ وَفِّقني فلا أعدِلَ عن ... سَنَن الساعين في خيرِ سَنَن

ولا يجوز عند البصريين نصب جواب الدعاء إلا إذا كان بلفظ الطلب، لو قلت: رحم الله زيدا فيدخله الجنة، لم يجز، وإليه أشار بقوله: "بفعل أصيل في ذلك" وسيأتي التنبيه على الخلاف فيه.

وأما الاستفهام فكقولك: هل تأتيننا فتحدثَنا، ولا تريد التشريك فتنصب على تقدير: هل يكون منك إتيان فحديث، إما لأن الحديث مسبب غير مبني على مبتدأ محذوف، والمعنى فيه: إن تأتني تحدثني، وإما لأنه مرتب لنفي الجمع، والمعنى فيه: هل تأتينا محدثا؟ قال الله تعالى: (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا) وقال الشاعر:

هل تعرفون لُباناتي فأرجوَ أن ... تُقْضى فيرتدَّ بعضُ الروح للجسد

واختار شيخنا رحمه الله أنه لا يجوز النصب فيما ولى الفاء أو الواو بعد الاستفهام إلا إذا لم يتضمن وقوع الفعل، إما لأنه استفهام عن الفعل نفسه كما تقدم، وإما لأنه استفهام عن متعلق فعل غير محقق الوقوع كما في نحو: متى تزورني فأكرمَك، وأين تسير فأرافقَك؟ ومَنْ يدعوني فأستجيبَ له؟ فينصب لأنه جواب فعل غير واجب. ولو كان الاستفهام عن متعلق فعل محقق الوقوع، كما في قولك: لم يكن الإتيان والحديث، لِم تأتينا فتحدثُنا أو وتحدثنا، فليس إلا الرفع،

<<  <  ج: ص:  >  >>