للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: إن الخشية كانت من قومه أن يقتلوه. حكاه السهيلي، ولا غرو أنه بشر يخشى من القتل والأذى، ثمَّ يهون عليه الصبر في ذات الله كل خشية، ويجلب إلى قلبه كل شجاعة وقوة (١)، وقيل: إنها كانت (خوف) (٢) أن لا ينهض بأعباء النبوة ويضعف عنها، ثم أذهب الله خشيته ورزقه الأيد والقوة والثبات، حكاه السهيلي أيضًا، وقال قبل ذَلِكَ: تكلم العلماء في معنى هذِه الخشية بأقوال كثيرة، منها ما ذهب إليه أبو بكر الإسماعيلي أنها كانت منه قبل أن يحصل لَهُ العلم الضروري بأن (الذي) (٣) جاءه ملك من عند الله تعالى، وكان أشق شيء عليه أن يقال عنه شيء أو أنه خشي عَلَى الناس، -يعني: من وقوعهم فيه- ولم ير الإسماعيلي أن هذا محال في مبدأ الأمر؛ لأن العلم الضروري لا يحصل دفعة واحدة، وضرب مثلًا بالبيت من الشعر تسمع أوله ولا تدرى (أنثر هو أم نظم؟) (٤) فإذا استمر الإنشاد عَلِمْتَ قطعًا (أنه قُصِدَ به) (٥) قَصْدُ الشعر، فكذلك لما استمر الوحي واقترنت به القرائن المقتضية للعلم القطعي حصل العلم القطعي، وقد أثنى الله عليه بهذا العلم، فقال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة: ٢٨٥] إلى قوله: {وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} فإيمانه - صلى الله عليه وسلم - بالله


= سلمة، عن ثابت، عن أبي رافع به. وقال الهيثمي في "المجمع" ٩/ ١٠: رواه البزار وأبو يعلى، وإسناد أبي يعلى حسن، وقال التقي الهندي في "الكنز" ١٢/ ٣٥٥ (٣٥٣٦٤): سنده حسن اهـ.
(١) "الروض الأنف" ١/ ٤١١.
(٢) في (ف): خوف.
(٣) في (ج): إذًا.
(٤) في (ج): أشعر أم نظم.
(٥) في (ج): أنَّ قصده.