للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثم اعلم بعد ذَلِكَ أن محلها القلب عند الجمهور لا اللسان؛ لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥]، والإخلاص إنما يكون بالقلب، وقال تعالى: {وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: ٣٧]، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: "التقوى ها هنا" ويشير إلى صدره ثلاث مرات (١).

إذا تقرر أن محلها القلب، فإن اقتصر عليه جاز (٢) إلا في الصلاة على وجه شاذٍّ لأصحابنا لا يُعْبَأ به. وإن اقتصر على اللسان لم يجز (٣) إلا في الزكاة على وجه شاذٍّ أيضا (٤)، ومثله قول الأوزاعي: لا تجب النية في الزكاة (٥) وإن جمع بينهما فهو آكد (٦). واشترطه


(١) رواه مسلم (٢٥٦٤) كتاب: البر والصلة، باب: تحريم ظلم المسلم، وأبو داود (٤٨٨٢)، والترمذي (١٩٢٧)، وابن ماجه (٣٩٣٣)، وأحمد ٢/ ٢٧٧، والبيهقي في "الشعب" ٧/ ٥٠٧، ٥٠٨ (١١١٥١) كلهم من حديث أبي هريرة.
(٢) انظر: "المعونة" ١/ ٩١، "المهذب" ١/ ٢٣٦، "العزيز" ١/ ٤٧٠، "الكافي" لابن قدامة ١/ ٢٧٥.
(٣) انظر: "الحاوي" ٢/ ٩١، "التهذيب" ٢/ ٧٢، "البيان" ٢/ ١٦٠.
(٤) انظر: "المجموع" ١/ ٣٥٩، "فتاوى السبكي" ١/ ١٩٩.
(٥) انظر: "المجموع" ٦/ ١٥٧، "المغني" ٤/ ٨٨.
(٦) وقال بعضهم: يستحب، وقال آخرون: إنه أكمل الأحوال انظر: "الحاوي" ٢/ ٩١، "الوسيط" ١/ ٢٠٩، "المغني" ٢/ ١٣٢، والصواب أن التلفظ بالنية سرًّا بدعة، قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" ٢٢/ ٢٣٣: الجهر بالنية في الصلاة من البدع السيئة، ليس من البدع الحسنة، وهذا متفق عليه بين المسلمين، لم يقل أحد منهم أن الجهر بالنية مستحب، ولا هو بدعة حسنة، فمن قال ذلك فقد خالف سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإجماع الأئمة الأربعة، وغيرهم، وقائل هذا يستتاب فإن تاب وإلا عوقب بما يستحقه، وإنما تنازع الناس في نفس التلفظ بها سرًا هل يستحب أم لا؟ على قولين: والصواب أنه لا يستحب التلفظ بها فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم يكونوا يتلفظون بها لا سرًا ولا جهرًا، والعبادات التي شرعها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته ليس =