الوجه التاسع عشر: الباء في قوله: ("بِالنِّيَّاتِ")، يحتمل أن تكون باء السببية، ويحتمل أن تكون باء المصاحبة (١)، ويتخرج على ذَلِكَ أن النية جزءٌ من العبادة أم شرط، وستعلم ما فيه قريبًا.
الوجه العشرون:
وجه إفراد النية على رواية البخاري في الإيمان كونها مصدرًا، وجمعت هنا، لاختلاف أنواعها ومعانيها؛ لأن المصدر إذا اختلفت أنواعه جُمع، فمتى أُريد مطلق النية -من غير نظر لأنواعها- تعين الإفراد، ومتى أريد ذَلِكَ جُمعت.
الوجه الحادي بعد العشرين:
أفردت أيضًا وجمعت الأعمال؛ لأن المفرد المُعَرَّف عام، والمراد أن كل عمل على انفراده تعتبر فيه نية مفردة، ويحتمل أن العمل الواحد يحتاج إلى نيات إذا قُصِدَ كمال العمل، كمن قصد بالأكل دفع الجوع، وحفظ النفس، والتقوي على العبادة، وما أشبه ذَلِكَ، وبسبب تعدد النيات يتعدد الثواب.
الوجه الثاني بعد العشرين:
أصل النية: القصد، تقول العرب: نواك الله بحفظه، أي: قصدك الله بحفظه، كذا نقله عنهم جماعة من الفقهاء، واعترض ابن الصلاح
(١) باء السببية هي التي يَصلح غالبًا في موضعها اللام وقد يصلح موضعها لفظ (بسبب) ومنه قوله تعالى {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ}. أما باء المصاحبة فلها علامتان: إحداهما: أن يحسن في موضعها (مع)، والأخرى: أن يغني عنها وعن مصحوبها الحال. كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ} أي مع الحق أو محقًا، وقوله: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ} أي: مع سلام أو مسلمًا عليك. ولصلاحية وقوع الحال موقعها سماها كثير من النحويين باء الحال.