للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بالإلطاف والعناية والإسعاف، وقد قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "أنت الصاحب في السفر" (١). ولذلك يظهر الفرق بين قوله: لله على أن أحج بفلان أو أحج فلانًا. وانظر إلى هذا مع قوله تعالى: {يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: ٢٢]، يظهر لك خصوصية للحق دون عموم الخلق.

الثالثة:

كان الإسراء ليلًا لوجوه:

أحدها: أنه وقت الخلوة والاختصاص ومجالسة الملوك، وهو أشرف من مجالستهم نهارًا، فهو وقت تناجي الأحبة، ووقت مجيء الطيف: وهو الخيال، فخص بوصف الكمال.

ثانيها: أن الله أكرم قومًا من أنبيائه بأنواع الكرامات ليلًا، قَالَ تعالى في قصة إبراهيم: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا} [الأنعام: ٦]، فوجودها دال عَلَى وجوب وجود صانعها ومدبرها. وقال تعالى في قصة لوط: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} [هود: ٨١]، وقال: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: ٣٤]، وقال في يعقوب: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يوسف: ٩٨] أخَّر دعاءه إلى وقت السحر من ليلة الجمعة. وقرب موسى نجيًا ليلًا. وذلك قوله: {قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} [القصص: ٢٩] وواعده أربعين ليلة. وقال لما أمره بالخروج من مصر ببني إسرائيل: {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣)} [الدخان: ٢٣].

ثالثها: أن الله تعالى أكرمه ليلًا بأمور منها انشقاق القمر (٢)، وإيمان الجن به (٣). ورأى الصحابة آثار نيرانهم عَلَى ما ثبت في "صحيح


(١) رواه مسلم (١٣٤٢) كتابك الحج، باب: ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره.
(٢) سيأتي برقم (٤٨٦٧) كتاب: التفسير، باب: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}.
(٣) سيأتي برقم (٤٩٢١) من كتاب: أحاديث الأنبياء.