للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وإن كان يعتقد أن الخالق تعالى بائن عن المخلوقات، وأنه فوق سمواته على عرشه بائن من مخلوقاته، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، وأن الله غني عن العرش وعن كل ما سواه، لا يفتقر إلى شيء من المخلوقات، بل هو مع استوائه على عرشه يحمل العرش وحملة العرش، بقدرته، ولا يمثل استواء الله باستواء المخلوقين، بل يثبث لله ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، وينفي عنهن مماثلة المخلوقات، ويعلم أن الله ليس كمثله شيء: لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا أفعاله. فهذا مصيب في اعتقاده موافق لسلف الأمة وأئمتها.
فإن مذهبهم أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فيعلمون أن الله بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش. وأنه كلم موسى تكليمًا وتجلى للجبل فجعله دكًا هشيمًا.
ويعلمون أن الله ليس كمثله شيء في جميع ما وصف به نفسه، وينزهون الله عن صفات النقص والعيب، ويثبتون له صفات الكمال، ويعلمون أنه ليس له كفوًا أحد في شيء من صفات الكمال، قال نعيم بن حماد الخزاعي: من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهًا. والله أعلم. اهـ.
وقد أجاب شيخ الإسلام على قول من قال: هل كلام الله هو حرف وصوت أم لا؟
في "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٢٤٣ - ٢٤٤.
فقال: إطلاق الجواب في هذِه المسألة نفيًا وإثباتًا خطأ. وهي من البدع المولدة، الحادثة بعد المائة الثالثة، لما قال قوم من متكلمة الصفاتية: إن كلام الله الذي أنزل على أنبيائه -كالتوراة، والإنجيل، والقرآن، والذي لم ينزله، والكلمات التي كون بها الكائنات، والكلمات المشتملة على أمره ونهيه وخبره، ليست إلا مجرد معنى واحد. هو صفة واحدة قامت بالله، إن عبر عنها بالعبرانية كانت التوراة، وإن عبر عنها بالعربية كانت القرآن، وأن الأمر والنهي والخبر صفات لها. لا أقسام لها، وأن حروف القرآن مخلوقة، خلقها الله ولم يتكلم بها، وليست من كلامه، إذ كلامه لا يكون بحرف وصوت. =