للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقولها: (لَهُ إِبِلٌ قَلِيلَاتُ المَسَارحِ (كَثِيرَاتُ) (١) المَبَارِكِ). يعني: لا يوجههن ليسرحن نهارًا إلا قليلًا، ولكنهن يتركن بفنائه باركات، فإن نزل به ضيف لم تكن الإبل غائبة عنه ولكنها بحضرته فيقريه من ألبانها ولحومها (٢). ويروى: عظيمات المبارك، وهو كناية عن سمنها وعظم جِرْمها. وعند ابن قتيبة: إذا تركت إبله كانت كثيرة؛ لكثرة من ينضم إليها ممن يلتمس لحمها ولبنها، وإذا سرحت كانت قليلة، لقلة من ينضم إليها من الأضياف والعفاة (٣)، وقيل: إنها إذا بركت كانت كثيرة؛ لوفور عددها، وإذا سرحت كانت قليلة؛ لكثرة ما نحو منها للأضياف. وفي رواية الهيثم عن هشام في آخر ذلك: وهو أمام القوم في المهالك.

وقولها: (إِذَا سمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ) تريد: العود الذي يضرب به، معناه: أنه مما كثرت عادته للضيفان وإطعامهم وشربهم، وضرب المعازف عليهم، ونحر الإبل؛ فلذلك صارت الإبل إذا سمعت ذلك أيقنَّ أنهن منحورات.

وقال أبو سعيد النيسابوري: إن كن لا يسرحن إلا قليلًا من النهار، ثم تحبس في المبارك سائر النهار فهي هالكة هزالًا، وإن كن يسرحن بالليل فقد (ضاع) (٤) أضياف الليل. والتفسير: أن مسارحها قليلة؛ لقلة الإبل، وكثرة مباركها بالفناء؛ لكثرة ما تثار فتحلب ثم تترك،


(١) من (غ)، وفي (س): قليلات.
(٢) انظر: "غريب الحديث" ١/ ٣٧١.
(٣) العفاة: السائلون.
(٤) في الأصول: ضاف، وهو خطأ، والمثبت من "شرح ابن بطال" ٧/ ٣٠٢، "بغية الرائد" ص ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>