للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عرفت من هذا التقرير أن عطف المصنف هذه المسألة على ما قبلها ليس برضي: لأنه يفهم منه أن نسخ القرآن بالقرآن مختلف فيه، وليس كذلك بل مناط الخلاف هو هذا القسم الأخير.

لنا: أن الآحاد مظنون، والمتواتر قطعي، فلا تعارض بين مظنون، وقطعي. قالوا: قد نسخ المتواتر - في عصره - بالآحاد، إذ التوجه إلى بيت المقدس كان متواترًا، وقد صح أنه لما حولت القبلة نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتحويل، فاستدار أهل مسجد قباء، أو غيره إلى الكعبة (١): فقد نسخ المتواتر بالآحاد.

قلنا: خبر الآحاد (٢) / ق (٨٤/ ب من ب) إذا حفت به القرائن يصير قطعيًا، ونداء الصحابي من هذا القبيل: لأن العقل قاطع بأن نداءه على رؤوس الأشهاد، والنبي [- صلى الله عليه وسلم -] (٣) بين أظهرهم لا يكون إلا بأمره.


(١) روى البخاري، ومسلم، والنسائي، وغيرهم عن البراء بن عازب، وابن عمر وأنس رضى الله عنهم، ولفظ البراء قال: "صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا حتى نزلت الآية التي في البقرة: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤]، فنزلت بعد ما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فانطلق رجل من القوم فمر بناس من الأنصار، وهم يصلون، فحدثهم، فولوا وجوههم قبل البيت".
راجع: صحيح البخاري: ١/ ١٠٤ - ١٠٥، وصحيح مسلم: ٢/ ٦٥ - ٦٦، وسنن النسائي: ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣.
(٢) آخر الورقة (٨٤/ ب من ب).
(٣) سقط من (أ) والمثبت من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>