للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب أهل الحق التوسط بين الإفراط، والتفريط، وهو أن الإيجاد من اللَّه، والكسب من العبد، وعليه يعاقب، ويثاب، والمسألة مذكورة في المطولات على وجه أبسط من هذا (١).

قوله: "ومن ثم الصحيح أن القدرة لا تصلح للضدين".

لما تقرر أن الكل بقدرته تعالى إيجادًا، وأن قدرة العبد إنما تتعلق بالفعل كسبًا، فهي لا توجد إلا عند المباشرة، لأنها عرض لا تبقى زمانين، وهذا معنى قول الأشعري: إن الاستطاعة مع الفعل، وإذا كان القدرة حادثة، مع الفعل، فقد صح أنها لا تصلح إلا لأحد الضدين (٢).


(١) تقدم ذكر الخلاف فيها، مع الإحالة إلى مراجعها: ص/ ١٩٦ وانظر: تشنيف المسامع: ق (١٩٣/ ب - ١٩٤/ ب) والغيث الهامع: ق (١٨١/ ب) والمحلي على جمع الجوامع: ٢/ ٤٣٥، وهمع الهوامع: ص/ ٤٨٥.
(٢) ذهب الأشعري، ومن تبعه إلى أن القدرة على الفعل لا تصلح للضدين لاستحالة اجتماعهما، فاستطاعة الإيمان توفيق، واستطاعة الكفر خذلان، ولا تصلح إحداهما لما تصلح له الأخرى.
واتفقت المعتزلة على أن القدرة الواحدة تتعلق بالمتماثلات، لكن على مرور الأوقات إذ يمتنع وقوع مثلين في محل واحد، بقدرة واحدة في وقت واحد، واختلفوا في تعلقها بالضدين، فجوز أكثرهم ذلك على سبيل البدل.
وأبو هاشم منهم فصل، وتردد بين القدرة القائمة بالقلب، والقدرة القائمة بالجوارح، ولو أردت ذكر تردده لطال المقام في ذلك.
وذكر الفخر الرازي أنه إن كان المراد من ذلك المزاج المعتدل، وتلك السلامة الحاصلة من الأعضاء، فهي صالحة للفعل، والترك، والعلم به ضروري، وإن كان المراد منه أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>