للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الجبرية، فإنهم جعلوا العبد مجبورًا محضًا لا تأثير لقدرته (١) لا كسبًا (٢)، ولا إيجادًا، وهذا باطل بأول الفكر إذ لا نشك في أن حركة المرتعش تباين حركة المختار، ويدرك ذلك الصبيان، والبله. والقدرية على أن أفعال العباد الاختيارية (٣) واقعة بقدرتهم، وإرادتهم إيجادًا لا صنع للرب فيها غير الإقدار، والتمكين.


(١) القدرة: هي القوة على الشيء، وهي مرادفة للاستطاعة، والفرق بين القوة، والقدرة: أن القوة تضاف إلى العاقل، وغير العاقل فتكون طبيعية، وعقلية كما في قولنا: قوة التيار، وقوة الجسم، وقوة الخيال، على حين أن القدرة لا تضاف إلا إلى الكائنات العاقلة كما في قولنا: قدرة المربي، وقدرة الحاكم، وقدرة الإدارة.
واصطلاحًا: هي الصفة التي يتمكن الحي من الفعل وتركه بالإرادة، فهي صفة الإرادة، أو هي صفة تؤثر وفق الإرادة.
راجع: التعريفات: ص/ ١٧٣، والمواقف: ص/ ١٥٠، وشرح المقاصد: ٢/ ٣٤٧.
(٢) الطوائف كلها متفقة على الكسب، ولكنهم اختلفوا في حقيقته فزعمت القدرية: أنه إحداث العبد لفعله بقدرته، ومشيئته استقلالًا، وليس للرب صنع فيه، ولا هو خالق فعله، ولا مكونه، ولا مريدًا له.
وقالت: الجبرية: الكسب اقتران الفعل بالقدرة الحادثة من غير أن يكون لها فيه أمر.
والقول الحق: أن معنى الكسب هو أن العباد فاعلين حقيقة لأفعالهم فهم من هذه الحيثية صاروا مكتسبين لها، وهي أي أفعالهم مخلوقة للرب فالفعل غير المفعول، فالعبد فعله حقيقة، واللَّه خالقه، وخالق ما فعل به من القدرة، والإرادة، وخالق فاعليته.
راجع: شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل: ص/ ٢٦٧ - ٢٦٩.
(٣) آخر الورقة (١٥٦/ ب من أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>