للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا - أيضًا - لو لمس، ومس في آن واحد يلزم التناقض، وهو ثبوت الحكم بكل، وعدم ثبوته بشيء منهما؛ لأنه لو حصل بواحدة منهما امتنع الحصول بالأخرى، فالحصول بالكل مستلزم / ق (١٠٣/ أمن ب) لعدم الحصول (١).

ويرد عليه: أن ليس معنى الاستقلال الانفراد بالتأثير حال الاجتماع، بل بحيث لو انفردت كانت مستقلة، وهذه الحيثية لا تفارقها، وفي هذا نظر: لأن الاستقلال بهذا المعنى مجاز لا يصار إليه إلا بدليل.

ولنا - أيضًا - لو جاز توارد العلل المستقلة لزم اجتماع المثلين. إن وجدت معًا، أو تحصيل الحاصل إن تعاقبت، وكلاهما محال.

أما الأول: فلأنه يوجب اجتماع النقيضين: لأن المحل بكل منهما مستغن عن كل منهما، فيكون مستغنيًا عنهما غير مستغن، وهو اجتماع للنقيضين.

وإن تعاقبتا، والغرض تأثير كل منهما، وهو تحصيل الحاصل.

ويرد عليه: أن معنى الاستقلال هو كونهما بحيث لو انفردت كانت مؤثرة لا التأثير في الواقع: لأنه مشروط بارتفاع المانع، والمصنف اعتبر الاستقلال في الواقع، ولذلك حكم بالتناقض وجزم به.

وبما ذكرنا من معنى الاستقلال يظهر دليل الجمهور على الجواز، إذ اللمس، والمس، والبول، والمذي كل واحد بحيث لو انفرد لكان مستقلًا.


(١) قال ولي الدين العراقي: "وهذا مبني على أن العلة مؤثرة، فإن قلنا: إنها معرفة انتفى ذلك". الغيث الهامع: ق (١١٦/ ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>