للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد فُسر الإسراف بالوجهين (١) في هذه الآية.

وقال ابن عباس: كان رجال يتبرعون عند الصرام، فيقول الرجل: لا أمنع سائلا حتى أمسي، فعمد ثابت بن قيس بن شماس إلى خمسمائة نخلة فجدها ثم قسمها في يومٍ واحدٍ، ولم يدخل منها إلى منزله شيئًا، فأنزل الله {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا} أي: لا تعطوا كله (٢).

وهذا قول السدي (٣) ويمانٍ والفراء (٤)، وحكاه الزجاج أيضًا وقال (٥): (فيكون على هذا التأويل، أن الإنسان إذا أعطى كل ماله، ولم يوصل إلى عياله شيئًا فقد أسرف؛ لأنه جاء في الخبر (ابدأ بمن تعول) (٦))، فهذا مجاوزة حد الإعطاء.


(١) ذكره أكثرهم. انظر: السمرقندي ١/ ٥١٩، و"الوسيط" ١/ ١٢٩، والبغوي ٣/ ١٩٥، وابن الجوزي ٣/ ١٣٦، والقرطبي ٧/ ١١٠، والخازن ٢/ ١٩١، و"تنوير المقباس" ٢/ ٦٨، وأخرجه الطبري ٨/ ٦١ بسند جيد عن ابن جريج، وذكره السيوطي في "الدر" ٣/ ٩٣، وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" ٤/ ١٤٥، وابن أبي حاتم ٥/ ١٣٩٩ بسند جيد، عن ابن جريج قال: (جَدَّ معاذ بن جبل -رضي الله عنه- نخله، فلم يزل يتصدق حتى لم يبق منها شيء، فنزلت الآية) ا. هـ، وهذا مرسل، والأول أشهر، لكنه ضعيف؛ لأن أكثرهم قد صرح أنه من رواية الكلبي.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٨/ ٦١، وابن أبي حاتم ٥/ ١٣٩٩ بسند جيد، عن السدي قال: (لا تعطوا أموالكم فتغدوا فقراء).
(٣) ذكره الثعلبي ص ١٨٥ بلفظ: (لا تبذروا تبذيرًا) ا. هـ.
(٤) "معاني الفراء" ١/ ٣٥٩.
(٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٩٧.
(٦) حديث متفق عليه. أخرجه البخاري في "صحيحه" (١٤٢٧)، كتاب الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى، ومسلم (١٠٣٤)، كتاب الزكاة، حديث ١٠٣٤ - ١٠٣٦، عن حكيم بن حزام رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أفضل الصدقة أو خير =

<<  <  ج: ص:  >  >>