للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} قال المفسرون: وذلك أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يُسأل عن حال أمته، فيزكّيهم، ويشهد بصدقهم (١).

وقوله تعالى: {عَلَيْكُمْ} أي: لكم (٢)، كقوله (٣): {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: ٣]، أي: للنصب، وقيل: معناه: على صدقهم، فهو من باب حذف المضاف (٤).

قال ابن جريج: قلت لعطاء: ما معنى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}؟ قال: أمةُ محمد شهداءُ على من ترك الحق من الناس أجمعين (٥)، حين جاءه الهدى والإيمان، فذكر الله في كتابه {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} يشهد على أنهم آمنوا بالحق حين جاءهم، وقبلوا، وصدّقوا به.

وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ} اختلف أهل المعاني في هذا، فقال بعضهم: إن الله تعالى تعبّد نبيه والمسلمين بالصلاة إلى بيت المقدس حيث (٦) كانوا بمكة في أول الأمر مخالفةً للمشركين؛ ليتبين إيمان المؤمن ونفاق المنافق، إذ كانت العرب تحب الكعبة، وترغب في الصلاة إليها، ولا يعجبهم الصلاة إلى بيت المقدس، فتعبّدهم الله بما يشقّ


(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٩ - ١١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٥. وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٢٢: وفي شهادته أقوال: أحدها: شهادته عليهم أنه قد بلغهم رسالة ربه. والثاني: شهادته عليهم بإيمانهم. والثالث: يكون حجة عليهم. والرابع: تزكيته لهم وتعديلهم. ثم عزا هذا القول لأكثر المفسرين.
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٥.
(٣) في (م): (لقوله).
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ٢/ ٤٢٣.
(٥) رواه "الطبري" في "تفسيره" ٢/ ١١، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٠، والبغوي ١/ ١٥٩.
(٦) في (ش): (حين).

<<  <  ج: ص:  >  >>