للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَلْسِنَتهم، ثم فرقتهم تلك الريح في البلاد (١). والبلبلة: التفرِيقُ (٢).

وقوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ} اختلفوا في تعليم الملكين السحر، فذكر أهل التفسير وأصحاب المعاني فيه وجهين (٣):

أحدهما: أنهما كانا لا يتعمدان تعليم السحر، ولكنهما يصفانه، ويذكران بطلانه، ويأمران الناس باجتنابه، وكانا يعلمان الناس وغيرهم ما يُسألان عنه، ويأمران باجتناب ما حُرِّم عليهم، وطاعة الله فيما أُمروا به، ونهوا عَنْهُ. وفي ذلك حكمة، لأن سائلًا لو سأل: ما الزنا؟ وما اللواط؟ لوجب أن يوقف عليه، ويعلم أنه حرام، فكذلك مجاز إعلام الملكين الناس السحر، وأمرهما السائل باجتنابه بعد الإعلام والإخبار أنه كفر حرام (٤). ويؤكد هذا الوجه: ما روى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال: عَلَّم بمعنى أعلم، وذلك أن التعليم لا ينفك عن الإعلام، كما يقال: تعلّمْ بمعنى أعلَمْ؛ لأن من تعلم (٥) شيئا فقد عَلِمَه، فيوضع التَّعَلُّم موضع العلم (٦).

قال قيس بن زهَير:


(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٦٣، "زاد المسير" ١/ ١٢٥، "القرطبي" ٢/ ٤٦.
(٢) ينظر: "القاموس" ٩٦٨ - ٩٦٩.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦١ - ٤٦٢ - ٤٦٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣ - ١٨٤، "تفسير البغوي" ١/ ١٢٩، "زاد المسير" ١/ ١٢٢، "القرطبي" ٢/ ٤٨.
(٤) من "تهذيب اللغة" للأزهري ٣/ ٢٥٥٤ مادة (علم) ومنه نقل الثعلبي ١/ ١٠٨٥.
(٥) ساقطة من (أ)، (م).
(٦) نقله عن ابن الأعرابي والأزهري في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٥٤، والقرطبي في "تفسيره" ٢/ ٤٨، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>