رائحة من ذلك، ومددت يدي لتناول بعض ثمر ما هنالك. ومع علمي القاصر، وذهني المتقاصر، وجدته أسحر من السحر الحلال، ومبتكراته أضوأ من الدر واللآل. لأنه روض قد ارتوى نبع أغصانه من نبعة الغصن الناضر الزاهر، خلاصة البيت العمرية ونتيجة الدرة الثمينة العثمانية، وزهرة سماء العصامية. من ارتحلت إلى خطة دائرة فلكهم نجوم الرافدين. ورست عند حوطة بحورهم فلك القاصدين.
فعصامهم سودته نفسه، وأجله ذهنه وحسه. قد جمع في هذا المصنف أشتات البديع والمعاني، وألف بين متفرقات الآداب والمباني.
أتى أبحر الآداب غاص بقعرها ... واخرج منها كل در وجوهر
فما غادرت ألفاظه الغر خصلة ... من الفضل والآداب والمتصور
وجمع أشتات المحاسن كلها ... بحسن معان مثل قند مكرر
فلما رأيته بحراً ليس له قرار، وألفاظ جيش بديعه لا يقاومها كل بطل مغوار، أردت أن أثبت نفسي مع الأدباء أهل التقريض، الذين طالعوا بحر مستحسناته الطويل العريض. وقرضوا عليه ما هو به أولى وأحرى، وإن كان بحره من نهر نيلهم أجرى.