فأولهم مثل الأديب الفاضل، والبطل المغوار في هذا الفن الكامل، صاحب الكمال والسيادة والسداد، كاتب ديوان الإنشاء في بغداد. ومثل شيخ هذا الفن والأديب السامي، الشيخ محمد القائل صانع برود هذا الفن غلامي. وأمثالهما من الأدباء؛ الفاضلين الكاملين النجباء.
أسيم لدر الروض قيما ولم أكن ... بأهل له حتى يقال فلان
فقلت فيه مرتجلا، وعلى تقريضه معولا:
دخلت إلى روض المعاني وجدته ... نضيراً بأنواع البلاغة أينعا
كجنة فردوس زهت بزهورها ... وفي وسطها خلت الحواري رتعا
وثماره تدنو فطاف بدائع ... وأغصانه تندو بدر مرصعا
ومنثوره مثل الربيع يرى به ... جميع ورود عطرها قد تنوعا
وكل رجال فيه أهل بلاغة ... بديع معانيهم تراه تضوعا
تراهم جميعاً في القرى عند سيد ... بروض نضير نائلين ترفعا
وكان القرى أطباق در وجوهر ... بمنثور منظوم اللآلي تقشعا
فيا نعم روض كان تشييد فاضل ... فمن نظمه المنثور فاح تضوعا
وكل بديع في معاني نظامه ... وكل نثار في البدائع أودعا
فلم يدن ذو فضل لإنشاء مثله ... وإن جد طول العمر في ذاك أو سعى
فما شم ذو العقيان نفحة عقده ... وأما الحريري لو رآه تروعا
ومن قال أني منشئ مثل نظمه ... مسيلمة أمسى وقال وما وعى
وما ذاك إلا منحة بل ونفحة ... ومعجز آداب فما فيه مدعى