للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مختلف في الاحتجاج به، وقد عد الحديث من مناكيره.

٤٣ - وعن حسين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البخيل (١)


= قال الهروي: فالأولى معناه تركوا أمر الله فتركهم من رحمته، (وكذلك اليوم تنسى): أي تترك في النار، ولما كان التارك لها لا صلاة له والصلاة عماد الدين، فمن تركها حق له ذلك. أهـ ص ٣٦٠ جـ ٣.
وفيه التشديد على كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وطلب الانتباه للترنم بذكره صلى الله عليه وسلم فإن عدم الصلاة عليه ضلال، ويظلم القلب، ويزيل نور الإيمان، ويبعد بهاء الحق وبهجة الإسلام، ويترك الشخص يوم القيامة يتخبط في دياجير الشدائد والعذاب.
(١) الموصوف بالبخل والتقتير، والدناءة والشح. ذلك الذي مر عليه اسمي ولم يصل عليه، إنه لجبان وجماد، وجلمود صخر، ومقصر في كسب الحسنات ونيل الدرجات. لماذا؟ لأن السيرة الذكية نفحت وعبرت وعبق شذاها، ولم يشمها، ولم يلفظ لسانها بالصلاة والسلام على صاحبها.
قال تعالى:
أ - (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) أي في الأمور كلها فإنه لا يأمرهم، ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم، بخلاف النفس فلذلك أطلق فيجب عليهم أيكون أحب إليهم من أنفسهم، وأمره أنفذ عليهم من أمرها وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها. أهـ بيضاوي.
وقال تعالى:
ب - (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) ٥٦ من سورة الأحزاب. (يصلون) يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه (صلوا عليه) اعتنوا أنتم أيضا فانكم أولى بذلك، وقولوا: اللهم صل على محمد (وسلموا) وقولا السلام عليك أيها النبي، وقيل: وانقادوا لأوامره، والآية تدل على وجوب الصلاة والسلام عليه في الجملة، وقيل تجب الصلاة كما جرى ذكره.
قال صلى الله عليه وسلم: (من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله) وتجوز الصلاة على غيره تبعا وتكره استقلالا لأنه في العرف صار شعار ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك كره أن يقال محمد عز وجل، وإن كان عزيزا وجليلا أهـ بيضاوي صلى الله عليه وسلم يا خير الورى، ونفعنا الله بك وأمدنا بنعمة وتوفيقه.
وقال الصاوي: هذه الآية فيها أعظم دليل على أنه صلى الله عليه وسلم مهبط الرحمات، وأفضل الخلق على الإطلاق، إذ الصلاة من الله على نبيه رحمته المقرونة بالتعظيم، ومن الله على غير النبي مطلق الرحمة لقوله تعالى: (هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور) فانظر الفرق بين الصلاتين والفضل بين المقامين، والمراد بالملائكة جميعهم، والصلاة من الملائكة الدعاء للنبي بما يليق به، وهو الرحمة المقرونة بالتعظيم وحينئذ فقد وسعت رحمة النبي كل شيء تبعا لرحمة الله فصار بذلك مهبط الرحمات ومنبع التجليات (صلوا عليه) أي ادعوا له بما يليق به، وحكمة صلاة الملائكة والمؤمنين على النبي تشريفهم بذلك حيث اقتدوا بالله في مطلق الصلاة وإظهار تعظيمه صلى الله عليه وسلم ومكافأة لبعض حقوقه على الخلق لأنه الواسعة العظمى في كل نعمة وصلت لهم، وحق على من وصل له نعمة من شخص أن يكافئه، فصلاة جميع الخلق عليه مكافأة لبعض ما يجب عليهم من حقوقه. إن قلت إن صلاتهم طالب من الله أن يصلي عليه، وهو مصل عليه مطلقا طلبوا أولا.
أجيب بأن الخلق لما كانوا عاجزين عن مكافأته صلى الله عليه وسلم طلبوا من القادر المالك أن يكافئه ولا شك أن الصلاة الواصلة للنبي صلى الله عليه وسلم من الله لا تقف عند حد فكلما طلبت من الله زادت على نبيه فهي دائمة بدوام الله. وعند مالك تجب الصلاة والسلام في العمر مرة، وعند الشافعي تجب في التشهد الأخير من كل فرض، وعند غيرهما تجب في كل مجلس مرة، وقيل تجب عند ذكره، وقيل يجب الاكثار منها من غير تقييد بعدد، وبالجملة فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أمرها عظيم وفضلها جسيم، وهي من أفضل الطاعات وأجل =

<<  <  ج: ص:  >  >>