(فصل): في الاستثناء في الطلاق (ويصح منه) أي: من الزوج (استثناء النصف فأقل من عدد الطلاق و) عدد (المطلقات) فلا يصح استثناء الكل، ولا أكثر من النصف (فإذا قال: أنتِ طالق طلقتين إلا واحدة وقعت واحدة)؛ لأنه كلام متصل أبان به أن المستثنى غير مراد بالأول، قال تعالى - حكاية عن إبراهيم -: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ يريد به البراءة من غير الله ﷿(وإن قال): أنتِ طالق (ثلاثًا إلا واحدة: فطلقتان)؛ لما سبق (١٨)، وإن قال:"إلا طلقتين إلا
من كون "ثم، والفاء" تفيد الترتيب: وقوع الطلاق بالأولى فقط، وتأتي الطلقة الثانية فتصادفها غير زوجة ولا رجعية: فلا تقع بها.
(١٨) مسألة: إذا طلق الزوج عددًا من الطلقات، واستثنى أقل من النصف، أو طلَّق عددًا من زوجاته، واستثنى أقل من نصفهن: فإن الاستثناء يصح، فمثلًا: لو قال الزوج لزوجته: "أنتِ طالق ثلاثًا إلا واحدة" فإنها تطلق طلقتين، أو قال لثلاث: "نسائي طوالق إلا فلانة" فإن الاثنتين من زوجاته تلك تطلقان؛ لقاعدتين: الأولى: الاستقراء؛ حيث إنه قد ثبت من استقراء وتتبع كلام أهل اللغة - وهم المرجع في ذلك كابن جني، وابن قتيبة، وأبي إسحاق الزجاج، وابن درستويه - أن الاستثناء في كلام العرب لم يأت إلا في القليل من الكثير، الثانية: المصلحة؛ حيث إن كون الاستثناء قد جرى في كلام العرب على خلاف الأصل؛ لكونه إنكار بعد إقرار، والأصل عدم الإنكار، لكن لما كان الإنسان قد يغفل عن القليل مما أقرّ به: فإنه أجيز استثناء القليل لدفع الضرر عنه، أما الأكثر أو النصف فلا يعقل أن يغفل عنه الإنسان، فلم يجز وقد بينتُ ذلك في كتابي: "المهذب في أصول الفقه (٤/ ١٦٨٤) - تنبيه: قوله: "ويصح استثناء النصف" وقوله: "أنتِ طالق طلقتين إلا واحدة" قلتُ: سيأتي بيانه، فإن قلتَ: لا يصح الاستثناء في الطلاق ولكنه يجوز في المطلقات، وهو قول بعض العلماء فلو قال:"أنتِ طالق ثلاثًا إلا واحدة": فإنها تطلق ثلاثًا؛ ولو قال: "نسائي طوالق إلا =