طوعًا، ولو خلط في كلامه، أو سقط تمييزه بين الأعيان، ويؤاخذ بسائر أقواله، وكل فعل يُعتبر له العقل كإقرار، وقذف، وقتل، وسرقة (٨)(ومن أكره عليه) أي: على
أصابه مرض جعله لا يدرك من حوله ولا يفرق بينهم كمن ألمَّ به برسام، أو النائم، أو السكران المكره على شرب المسكر، أو من أكل أي دواء جعله يفقد توازنه أو الذاكرة، أو المعتوه وهو من اختلطت عليه حقائق الأمور، ونحو هؤلاء؛ لقواعد: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ" حيث دل أن من زال عقله، أو له عقل ولكن لا يدرك به حقائق الأمور كالمجنون، والنائم، والصبي: لا يُكلَّف بالتكاليف الشرعية، فلا تصح تصرفاته، ومن لا تصح تصرفاته: فلا تؤثر في شيء، ومنها الطلاق، وكل ما ذكرنا من الأمثلة السابقة تلحق بالمجنون، والنائم، ونحوهما بجامع: زوال العقل وهو آلة التمييز لعذر من باب "مفهوم الموافقة" الثانية: القياس؛ بيانه: كما أنه يُشترط في البائع أن يكون تام العقل فكذلك في المطلِّق يُشترط له ذلك، والجامع: أنه في كل منهما إزالة للملك، فلا بدَّ من عقل يدرك ذلك، الثالثة: قول الصحابي؛ حيث قال بذلك عثمان وقال علي:"كل الطلاق جائز إلّا طلاق المعتوه" فلا يصح طلاق المعتوه؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ وهي حماية الرجل من أن تفارقه زوجته بكلمة الطلاق التي قد يقولها وهو لا يدرك مرادها ومقصدها.
(٨) مسألة: يصح ويقع طلاق السكران - وهو الذي يشرب ما يسكره مختارًا لغير عذر فيجعله يخلط في كلامه، ولا يفرق بين ردائه ورداء غيره، أو متاعه ومتاع غيره، ويتكلم ويفضح أسراره - ويؤاخذ ويُعاقب بسائر أقواله: من حق أو باطل، وما يؤاخذ به العاقل يؤاخذ به هذا السكران كإقراراته، وعتقه، ونذره وبيعه، وقذفه، وقتله، وسرقته، وزناه، وظهاره، ووقفه، وعاريته، وقبضه وهو مذهب =