للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلبة السلامة بعد التسعين، وغلبة الهلاك بعد الأربع سنين، فإن رجع بعد قسم ماله: أخذ ما وجد، ورجع على من أتلف شيئًا به (٢) (فإن مات مُورِّثه في مدة التربُّض) السابقة: (أخذ كل وارث إذًا) أي: حين الموت (اليقين) وهو: ما لا يمكن أن ينقص

تصلح لأي وقت؛ إذ لو كان لازمًا للزم أن الصحابة لو قرروا - باجتهادهم - أن نفقة عائلة مكوّنة من زوجة وثلاثة بنين مائة درهم في الشهر: أن يعمم هذا على جميع العصور، وهذا لم يقله أحد، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في تغير الأحكام بتغير الأزمان والأحوال".

(٢) مسألة: إذا حكم القاضي المجتهد العدل بموت ذلك المفقود بناء على أمارات، وعلامات، ودلائل تثبت ذلك: فإنه يُعتبر ميتًا من تاريخ حكم القاضي بذلك، فيرثه ورثته من حين الحكم عليه بالموت، دون من مات من الورثة قبل الحكم عليه بذلك، فإن ظهر المفقود، ورجع بعد ما قسم ماله وتركته بين ورثته: فإنه يأخذ ما بقي في أيديهم من ماله بعينه، وأما أتلف: فإنه يأخذ مثله إن كان له مثل، وإن لم يكن له مثل: فيأخذ قيمته منهم؛ للتلازم؛ حيث إنه يلزم من حكم القاضي المجتهد العدل بموت ذلك المفقود: أن يرثه ورثته؛ لكون التركة من حقهم بعد موته، ويلزم من عدم ثبوت موته وخطأ القاضي في حكمه بسبب رجوعه: إرجاع ما أخذه ورثته إليه؛ لكونه ماله ولا يجوز لأحد أن يأخذ مال غيره إلا بطيب نفس منه.

تنبيه: قوله: "في مسألتي غلبة السلامة بعد التسعين، وغلبة الهلاك بعد الأربع سنين … " هذا مبني على مذهب بعض الحنابلة والمصنف منهم، وقد بيّنا ضعفه، فإن قلتَ: إن المفقود إذا رجع يأخذ ما بأيدي الورثة فقط، أما ما تصرَّفوا فيه: فلا يأخذ بدله؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كونهم أخذوه بحكم القاضي: أنه ملكهم قلتُ: إنه بان خطأ القاضي في حكمه، وهذا لا يُحلُّ لهم ما أخذه مع وجود مالكه الحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>