للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نجسًا (٦) (ومن وجد ماء يكفي بعض طُهره) من حدث أكبر أو أصغر: (تيمم بعد استعماله) ولا يتيمم قبله (٧) ولو كان على بدنه نجاسة، وهو محدث: غسل النجاسة،

(٦) مسألة: إذا كان معه ماء يكفي لتطهره، ووجد آدميًا عطشانًا - مسلمًا أو كافرًا - فإنه يجب إعطاؤه لهذا الشخص، ويتيمم؛ للقياس، بيانه: كما أنه يجب إنقاذ الغريق أو الحريق ولو خرج الوقت، فكذلك يجب ترك التطهر بالماء لإنقاذ ذلك العطشان والجامع: أن كلًا منهما فيه ترك شرط من شروط الصلاة من أجل إنقاذ هلكى، فإن قلتَ: لِمَ شرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع مفسدة، ودفع المفسدة مقدَّم على جلب مصلحة التطهر بالماء، ولو كان المبذول له الماء نجسًا كالكافر؛ للقياس الأولى: بيانه: أن امرأة بغيَّاً قد جلبت ماء لكلب قد عطش فشكر الله لها فغفر الله لها، فإذا كان ذلك في الكلب وهو نجس فإنه يكون في الآدمي العطشان أولى.

(٧) مسألة: إذا كان معه ماء يكفي غسل بعض أعضاء الوضوء في الحدث الأصغر، أو يكفي غسل بعض بدنه في الحدث الأكبر: فيجب عليه أن يستعمله في هذا البعض، ثم يتيمم للباقي الذي لم يغسله ولا يتيمم قبل استعمال هذا الماء؛ للسنة القولية؛ حيث قال : "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" وهذا عام؛ لأن "ما" الموصولة من صيغ العموم فيشمل ما نحن فيه؛ حيث إن الواجد لبعض الماء يستطيع أن يستعمله، فيجب عليه هذا الاستعمال؛ لأن الأمر مطلق وهو للوجوب، فإذا انتهى الماء يتيمم للباقي، لكون ذلك غاية استطاعته، فإن قلتَ: لِمَ شرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه مراعاة امتثال أوامر الشارع، ومراعاة حال المسلم، فإن قلتَ: لِمَ لا يجوز التيمُّم قبل استعمال الماء هنا؟ قلتُ: لأن التيمُّم لا يصح إلا إذا تحقق شرط: عدم الماء - كما سبق في مسألة (٣) - وباستعماله للماء أولًا يتحقق هذا الشرط.

<<  <  ج: ص:  >  >>