للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قال: بلى) أي: علمت ذلك (ولكن استكثرته) عليه، فيه دليل لقول إسحاق ومن تابعه: إن الإمام إن استكثر السلب خمسه، وإن استقله لم يخمسه، وفعله عمر بن الخطاب (١)، ويدل عليه ما روى سعيد في "سننه" عن ابن سيرين أن البراء بن مالك بارز مُرزبان الزَّأْرة (٢) بالبحرين فطعنه فدق صلبه، وأخذ سواريه وسلبه، فلما صلى عمر الظهر أتى أبا طلحة (٣) في داره، فقال: إنا كنا لا نخمس السلب، وإن سلب البراء قد بلغ مالًا كثيرًا، وأنا خامسه، فكان أول سلب خمس في الإسلام، وبلغ سلب البراء ثلاثين ألفًا (٤)، لكن الصحيح أن السلب كله للقاتل وإن كان كثيرًا، وأنه لا يخمس للحديث الآتي (٥): أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخمس السلب.

(قلت) والله (لتردنه) أي: لتردن ما أخذته من السلب (إليه) فيه دليل على فضيلة الصحابة وقيامهم في الله ونصرة من ظهر لهم أنه مظلوم وإن لم يتظلم إليه ولا استنصر به، وأنهم لا يخافون في الله لومة لائم (أو لأعَرِّفَنَّكها) بضم الهمزة وفتح العين وتشديد الراء والنون التي بعد الفاء.

قال الخطابي: يريد لأجازينك بها حتى تعرف صنيعك به (٦). ويجوز فتح الهمزة وسكون العين وتخفيف الراء من قوله تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ


(١) انظر: "المغني" لابن قدامة ١٣/ ٦٩.
(٢) الزأرة: الأجمة، والمرزبان: رئيس القوم من العجم.
(٣) في النسخ الخطية: البراء. خطأ، والمثبت من "سنن سعيد بن منصور".
(٤) "السنن" (٢٧٠٨ - ٢٧٠٩).
(٥) (٢٧٢١).
(٦) "معالم السنن" للخطابي ٢/ ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>