للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على من ذهب من النحاة لأن (أحدًا) لا يستعمل إلا في النفي. قال: وكذلك قوله تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} (١)، وتعقبه الفاكهي بأن هذا عجيب من ابن دقيق العيد مع براعته وحذقه فإن الذي قاله النحاة أن أحدًا التي للعموم لا تستعمل إلا في النفي بهذا القيد الذي لا بد منه نحو: ما في الدار أحد، أما إذا كانت أحد بمعنى واحد فلا خلاف بينهم في جواز استعماله في الإيجاب لقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} (٢)، {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} وكما في الحديث، ألا ترى أن المعنى: الله يعلم أن واحدًا منكما كاذب، وقد جمع الشاعر بين أحد التي للعموم والأخرى بقوله:

لقد ظَهرتَ فما تخفى على أحدٍ ... إلا على أحدٍ لا يعرفُ القَمرا

فاستعمل أحدًا التي للعموم، والثانية التي بمعنى واحد.

قال ابن الأثير في "شرح المسند": وهو في هذا اللفظ من الأدب الحسن ما لا يخفى على السامعين، وذلك أنه لم يواجه أحدًا منهما بالكذب ولا خصه به، ولعل الله لم يكن أعلمه الكاذب منهما (٣).

(فهل منكما من تائب) في قوله تائب تغليب المذكر على المؤنث كما في قوله: أحدكما، وإنما عرض لهما بالتوبة بلفظ الاستفهام لإيهام الكاذب منهما، ولذلك لم يقل لأحدهما بعينه: تب، ولا لأحدهما:


(١) النور: ٦.
(٢) الإخلاص: ١.
(٣) "شرح مسند الشافعي" لابن الأثير ٥/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>