للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحدثين، قبلة المتأدبين، جامع أشتات الفضائل، حاوي محاسن الأوائل والأواخر:

حافظ السنّة حفظاً لا ترى ... معه أن يُعمل الناس الأسنّه

مركزُ الدائر من أهل النُهى ... فإلى ما قد حوى تُثنى الأعنّه

بديع زمانه، نادرُة أوانه، ضابط الأنساب على اختلافها، فهو السيل المتحدّر لا ابنُ نقطة، ناقل العلم الشريف عن سلفه الذي وافق على المراد شرطه، ساحب ذيل الفخر الذي لو بلغ السمعاني جعله في الحُلية قِرطه، صاحب النقل الذي إذا أتى رأيت البحر بأمواجه منه يلتط، والعبارة تستبق في مضمار لهواته فتزداد وتزدحم، الذي إذا ترسّل نقصت عنده ألفاظ الفاضل، وعجز عن مفاوضته ومعارضته كل مناظر ومناضل، أو نظم ثبت الجوهر الفرد خلافاً للنّظام فيما زعم، وتخطى بما بيديه فرق الفرقدين، وترضى النجوم بما حكم، أو أورد مما قد سمع واقعة مات التاريخ في جلده، ووقف سيف حاكٍ عند حده، أو استمد قلماً كف بصره عنه ابن مقْله، ووقف ابن البواب بخدمته يطلب من فضله فُضلهُ، فهو الذي تطير أقلامه الى اقتناص شوارد المغاني فتكون من أنامله " أولي أجنحة مَثنى وثلاثٍ "، وتنبعث فكرته في طلب السنة النبوية وما يكره الله هذا الانبعاث، وتبرز مخبّات المعاني بنظمه ومن السحر إظهار الخبايا، ويعقِد الألسنة عن معارضته، وعقْدُ اللسان لا يكون بغير السحر في البرايا، ويستنزل كواكب الفصاحة من سمائها بغير رصد، ويأتي بألفاظه العذبة، ونورها المشمس وفُحولتها للأسد، ويحل من بيت سيادته بيتاً

<<  <  ج: ص:  >  >>