للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النعالي، المزَوِّر السابق ذكره.

وأما الأخبار رقم: (٢٥، ٢٦، ٢٧، ٢٨، ٢٩، ٣٠، ٣١، ٣٢، ٣٣)، فكلها تفيد نفي الإرجاء، ونفي القول بخلق القرآن عن أبي حنيفة.

ومن هذه الأخبار، أسوق الخبر رقم: (٢٨) قال الخطيب:

"أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق، حدثنا علي بن أحمد بن محمّد القزويني، حدثنا أبو عبد الله محمّد بن شيبان الرازي العطار، -بالري-، قال: سمعت أحمد بن الحسن البزمقي، قال: سمعت الحكم بن بشير يقول: سمعت سفيان بن سعيد الثوري، والنعمان بن ثابت يقولان: القرآن كلام الله غير مخلوق" (١).

جـ - وأما النقطة الثالثة:

وهي: -ما حكي عن أبي حنيفة من القول بخلق القرآن-، فقد ساق الخطيب فيها ثلاثة وثلاثين خبرًا أيضًا. فالأخبار رقم: (١ إلى ١٠ و ١٣ و ١٤ و ١٧)، تتعلق كلها بأن أبا حنيفة يقول بخلق القرآن. وفي بعضها ذكر استتابته من ذلك. مع أنه تقدم في النقطة الثانية، (ب)، في الأخبار من رقم: (٢٨ إلى ٣٣)، رد الخطيب نفسه تلك الأخبار هذه التهمة عن أبي حنيفة، أضف إلى ذلك أن هذه الأخبار لا تخلو من رجال متكلم فيهم، وسنورد الكلام في بعضهم.

أبو حنيفة ومسألة القول بخلق القرآن:

والمشهور عن أبي حنيفة أنه يقول: إن القرآن غير مخلوق. ولفظنا بالقرآن مخلوق. وهذا القول هو ما جرى عليه أهل الحق من علماء الكلام وغيرهم. ولينظر الذي يريد التثبت والمزيد من الإيضاح كتاب "الفقه الأكبر" لأبي حنيفة، وكتاب "العقيدة الطحاوية".

هذا، والروايات عن أبي حنيفة في هذا الموضوع متضاربة، حتى فيما ساقه الخطيب نفسه -كما تقدم-. فإذا اعتبرنا جميع الروايات في هذا الموضوع مقبولة. لم يكن بُدٌّ من حمل الروايات بالقول بخلق القرآن، على لفظنا به، والروايات بأنه غير مخلوق على القرآن نفسه.

وهذا ابن عبد البر الحافظ، يقول في كتابه "الانتقاء" في "باب مذهب أبي حنيفة فيما يعتقده أهل السنة وما عليه أئمة الجماعة": "قال: ونا محمّد بن حزام الفقيه، قال: نا أبي، قال: نا محمّد بن شجاع، قال: سمعت الحسن بن أبي ملك يقول: سمعت أبا يوسف يقول: جاء رجل إلى مسجد الكوفة يوم الجمعة، فدار على الحِلق يسألهم عن القرآن، وأبو حنيفة غائب بمكة، فاختلف الناس في ذلك، -والله ما أحسبه إلا شيطانًا تصور في صورة الإنس-، حتى انتهى إلى حلقتنا فسألنا عنها، وسأل بعضنا بعضًا، وأمسكنا عن الجواب، وقلنا ليس شيخنا حاضرًا، ونكره أن نتقدم بكلام حتى يكون هو المبتديء بالكلام. فلما قدم أبو حنيفة، تلقيناه بالقادسية، فسألنا عن الأهل والبلد فأجبناه، ثم قلنا له بعد أن تمكنا منه: رضي الله عنك، وقعت مسألة فما قولك


(١) التاريخ: (١٣/ ٣٨٣) وهذا أخر خبر في ترجمة أبي حنيفة، بالنسبة لنسخة (الكوبريلي)، وأما بقية الترجمة من المثالب الكثيرة، فانفردت بها نسخة دار الكتب المصرية، وأكمل المشرفون على الطبع ترجمة أبي حنيفة منها.