للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذا قاله الإِمام المحدث شمس الدين بن محمد بن محمد بن بناتة المصري، من كتاب (الاكتفاء في تاريخ الخلفاء).

وقال ابن المنير: الحكمة في إيثار الموافقة في القول والزمان أن يكون المؤمن على يقظة؛ للإِتيان بالوظيفة في محلها؛ لأن الملائكة لا غفلة عندهم، فمن وافقهم كان مستيقظًا، ثم ظاهره المراد بالملائكة جميعهم.

واختاره ابن بريدة، وقيل: الحفظة منهم، وقيل: الذين يتعاقبون فيهم، إذا قلنا: إنهم غير الحفظة، كما قاله الزرقاني (١).

والذي يظهر أي: أن المراد بهم الذين يطلبون أهل الذكر.

لما روى البخاري ومسلم (٢) بالواسطة عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله ملائكة يطوفون في الطرق، يلتمسون أهل الذكر، أي (ق ١٢٨) ليزوروهم ويستمعوا ذكرهم، ويستغفروا بذنوبهم، ويقولوا: آمين بدعائهم، وإذا وجدوا قومًا يذكرون الله، تنادوا هلموا إلى حاجتكم"، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فإذا تفرقوا - أي: الذاكرون - عرجوا - أي الملائكة - إلى السماء"، قال عليه السلام: "فيسألهم الله - وهو أعلم بهم -: من أين جئتم؟ فيقولوا: جئنا من عند عبادك في الأرض"، قال عليه السلام: "فيسألهم ربهم - وهو أعلم بهم - ما يقول عبادي؟ قالوا: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويهللونك، ويمجدونك"، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فيقول تعالى: هل رأوني؟ "، قال عليه السلام: "فيقولون: لا - والله - ما رأوك"، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فيقول تعالى: كيف لو رأوني؟ "، قال - صلى الله عليه وسلم -: "يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدًا، وأكثر لك تسبيحًا"، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فيقول تعالى: فما يسألون؟ قالوا: يسألونك الجنة"، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فيقول تعالى: فهل رأوها؟ فيقولون: لا - والله - ما رأوها"، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فيقول تعالى: فكيف لو رأوها"، قال - صلى الله عليه وسلم -: "يقولون: كانوا أشد عليها حرصًا، وأشد لها طلبًا، وأعظم بها رغبة"، قال - صلى الله عليه وسلم -: "يقول تعالى: فبم يتعوذون؟ "، قال - صلى الله عليه وسلم -: "يقولون: يتعوذون


(١) انظر: شرح الزرقاني (١/ ٢٦٠).
(٢) أخرجه: البخاري (٦٤٠٨)، ومسلم (٢٦٨٩)، والترمذي (٣٦٠٠)، وأحمد (٧٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>