للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه من طريق قاسم بن أصبغ والطحاوي، والبيهقي، قال ابن وهب: حدثني جرير بن حازم أن المغيرة بن حكيم حدثه عن أبيه أن امرأة بصنعاء غاب عنها زوجها وترك في حجرها ابنًا له من غيرها غلامًا يُقال له: أصيل، فاتخذت المرأة بعد زوجها خليلًا، فقالت له: إن هذا الغلام يفضحنا فاقتله فأبى، فامتنعت منه، فطاوعها فاجتمع على قتل الغلام الرجل ورجل آخر والمرأة وخادعها فقتلوه ثم قطعوه عضوًا عضوًا منه، وجعلوه في عيبة - بفتح المهملة وسكون التحتية فموحدة - وعاد من أدم فوضعوه في ركية بتشديد التحتية بئر لم تطو في ناحية القرية ليس فيها ماء، فأخذ خليلها، ثم اعترف الباقون، فكتب لعلي وهو يومئذٍ أمير بشأنهم إلى عمر، فكتب عمر بقتلهم جميعًا، وقال: والله لو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتله لقتلهم أجمعين، كذا قاله الزرقاني (١).

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إن قتل سبعةٌ أي: وما دونها بالأولى، وذكر السبع إشعار بأن العدد الثابت في القضية كما رواه عبد الرزاق في (مصنفه) من غير شك، أو أكثر من ذلك أي: لو بلغ ألفا رجلًا أي: ممن لا يستحق القتل، عمدًا أي: بالعمد دون الخطأ، قَتْلَ غِيلة أو غير غيلة، فيه إيحاء إلى أن قتل غيلة في الحديث حكاية الواقعة، ضربوه بأسيافهم أي: أو ما يقوم مقامها، حتى قتلوه قُتِلوا به كلهم، وهو قولُ أبي حنيفة، رحمه الله، والعامة من فقهائنا، وهو قول مالك والشافعي وأحمد، وأكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين، منهم علي وشريح، وقال ابن الزبير، والزهري، وابن سيرين، وابن أبي ليلى، وعبد الملك، وربيعة، وداود، وابن المنذر، وأحمد في رواية: لا تقتلوه به ويجب الدية (ق ٦٩٦) عليهم؛ لأن مفهوم النفس بالنفس أن لا يقتل بالنفس الواحدة أكثر من واحدة؛ ولأن في القصاص يجب المساواة ولا مساواة بين العشرة والواحدة، وكلهم حملوا حديث عمر على السياسة، كذا قاله علي القاري.

لما فرغ من بيان أحكام أحوال الجماعة قتلوا مجتمعين رجلًا واحدًا، شرع في بيان حكم حال الشخصين، فقال: هذا

* * *


(١) في شرحه (٤/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>