* وفيها: في العشر الثالث من المحرم، لما عاد ركب الحج الشامي من مكة المشرفة، وزار النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسار إلى أن وصل إلى قريب من مدينة الكرك في مكان يعرف بـ: معان، والركب سائر، ظهر عليه عرب بني إبراهيم، ومعهم جماعة من عرب بني لام، وحصل النهب من العرب في الحج، فأخذ بعضه، فلما وصل ركب الحج إلى الحسا، حصل بين أمير الركب الشامي ومن معه من الحجاج، وبين العرب أمور يطول شرحها، وجُمع من الحجاج مال، ودُفع للعرب، وحصل الأمان بينهم، فشرع الحجاج في التحميل والسير، فظهر العرب عليهم، وأُخذ ركب الحج عن آخره، ونُهبت الأموال نهبًا فاحشاً، وكانت عِدّة جمال الحجاج ثلاثة عشر ألف جمل، لم يسلم من ذلك سوى ستة عشر جملًا عرايا من غير أحمال، وكان في الحج جماعة من الأعيان بدمشق، وأُخذ قاضي القضاة شمس الدين بن المزلق الشافعي، وجماعة من أعيان التجار من أولاد القاري وغيرهم، ومعهم من الأموال ما لا يحصى كثرة، فأُخذ جميع ذلك عن آخره، وهلك من الرجال والنساء والأطفال خلق لا يحصيهم إلا الله تعالى، وسار جماعةٌ حفاةً عراةً إلى أن وصلوا إلى مدينة الكرك، وبعض الحجاج استمر ملقًى في البرية، وتشتت شملُ الحجاج وتفرق، وقُبض على أمير الحاج، وأُخذ جميع ما معه، وكانت حادثة فاحشة، لم يُسمع بمثلها في هذه الأزمنة، واغتضب جماعة من أهل الكرك، وجماعة من أهل سيدنا الخليل - عليه السلام -، وتوجهوا إلى جهة الأغوار وغيرها، وأحضروا جماعة من الحجاج إلى بلد سيدنا الخليل - عليه