للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجْتَ مِن هَذَا لَمْ تَرَنِى وَلَمْ أَرَكَ إِلَى يَوْم الْقيَامَة، ثُمَّ انْطَلَقَ فَتَوَارَى عَنِّى، حَتَّى لَمْ أَرَهُ، فَلَمَّا سَطَعَ الْفَجْرُ أَقْبَلَ فَقَالَ لِى، قَدْ أَرَاكَ قَائِمًا. قُلْتُ: مَا قَعَدْتُ، فَقَالَ: مَا عَلَيْكَ لَوْ فَعَلْتَ، قُلْتُ: خَشَيْتُ أَنْ أَخْرُجَ مِنْهَا، فَقَالَ: أَمَ إِنَّكَ لَوْ خَرَجْتَ لَمْ تَرَنِى وَلَمْ أَرَكَ، هَلْ مَعَكَ وُضُوءٌ؟ قُلْتَ: لَا، قَالَ: فَما هَذِهِ الإِدَاوَةُ؟ قُلْتُ: فِيهَا نَبِيذٌ، قَالَ: ثَمَرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ، فَتَوَضَّأَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيِه رَجُلَان منَ الْجِنِّ، فَسَأَلَاهُ الْمَتاعَ، فَقَالَ: أَلَمْ آمُرْ لَكُمَا وَلِقَوْمِكُما بمَا يُصْلحُكُمْ قَالَا: بَلَى، وَلكنْ أَحْبَبْنَا أَنْ يَشْهَدَ بَعْضُنَا مَعَكَ الصَّلَاةَ، قَالَ: مَنْ أَنْتُمَا؟ قَالَا: مِنْ أَهْل نصِّيبينَ، قَالَ: أَفْلَحَ هَذَانِ، وَأَفْلَحَ قَوْمُهُما وَأَمَرَ لَهُمَا بالرَّوْث وَالعظَام طَعَامًا وَلَحْمًا، وَنَهَى أَنْ نَسْتَنْجىَ بعَظْمٍ أَوْ رَوْثَةٍ".

عب (١).

٤٣٠/ ٣٢ - "أَنَّ رَجُلًا قَالَ لابْنِ مَسْعُودٍ حدَّثْتَ أَنَّكَ كُنْتَ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ وَفْدِ الْجِنِّ، قَالَ أَجَلٌ، فَذَكَرَ أَنَّ النَّبىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَطَّا عَلَيْهِ خَطًا وَقَالَ: لَا نَبْرَحَ مِنْه، فَمَرَّت بى مثْلُ العَجَاجَة (*) السَّوْدَاءِ حَتَّى غَشِيَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا كَانَ قَرِيبًا منَ الصُّبْح أَتَانِى فَقَالَ: أَنمْتَ؟ فَقُلْتُ: لَا وَالله، هَمَمْتُ أَنْ أَسْتَصْرخَ النَّاسَ حتى سَمعْتُكَ تَقْرَعُهُمْ بعَصَاكَ، تَقُولُ: اجْلِسُوا، قَالَ: لَؤ خَرجْتَ لَمْ آمَنْ أَنَّ يَتَخَطَّفَكَ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ الْجِنُّ قَدْ رَأَتْ فِى قَتِيلٍ بَيْنَهُمْ، فَقَضَى بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟ قُلْتُ نَعَمْ؟ رَأَيْتُ رِجَالًا سُودًا مُسْتَثْفِرى (* *) ثِيَابٍ بِيضٍ، قَالَ: أُولَئِكَ جِنُّ نِصيِّبينَ، يَسْأَلُونَ الْمَتَاعَ، وَالْمَتَاعُ: الزَّادُ، فَمَتَّعَهُمْ بكُلِّ عَظْمٍ حَائِلٍ وَرَوْثَةٍ وَبَعْرَةٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله وَمَا يُغْنى ذَلكَ عَنْهُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ لا يأخذون عَظْمًا إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهِ لَحْمَهُ يَوْمَ أُكلَ، وَلَا رَوْثَةً وَلَا بَعْرَةً إِلَّا وَجَدُوا فِيهَا خُبْزَتَهَا يَوْمَ أُكِلَتْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ النَّاسَ


(١) المعجم الكبير للطبرانى، ج ١٠ ص ٧٧، ٧٨ رقم ٩٩٦٢ باب: طرق حديث عبد الله بن مسعود ليلة الجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث عن عبد الله بن مسعود مع اختلاف يسير في بعض ألفاظه.
(*) العجاجة: العَجَاج بالفتح: الغبار والدخان. والعجاجة: أخص منه.
(* *) مستثفِرى: هو أن يُدْخِلَ الرَّجُلُ ثوبه بين رِجليه كما يفعل الكلب بذنبه. نهاية ١/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>