٢/ ٧٦ - "لما كان يوم بدر نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه وهم ثَلَاثُمِائَةٍ ونيف، ونظر إلى المشركين، فإذا هم ألف وزيادة فاستقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - القبلة، ومد يديه وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال: اللهم أنجز ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة - من أهل الإسلام - فلا تعبد في الأرض أبدا، فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا نبي الله كفاك مناشدَتَك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك، وأنزل الله:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} فلما كان يومئذ والتقوا هزم الله المشركين وقُتِلَ منهم سبعون رجلا، وأسر منهم سبعون رجلًا، فاستشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وعليا وعمر فقال أبو بكر: يا نبي الله: هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أري أن تأخذَ منهم الفدية، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار، وعسي أن يهديَهم فيكونوا لنا عضدا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما ترى؟ قلت: والله ما أرى الذي رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكني من فلان - قريب لعمر - فأضرب عنقَه، وتمكن عليا من عقيل فيضربَ عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا مودة للمشركين، هؤلاءِ صناديدُهم وأئمتهم وقادتهم، فهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فأخذ منهم الفداء، فلما كان من الغدِ غدوت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو قاعد وأبو بكر يبكيان، فقلت: يا رسول الله: أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاءً بكيت، وإن لم أجد تباكيت لبكائكما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للذي عرض على أصحابك من الفداء، لقد عرض على عذابكم أدنى من هذه الشجرة: الشجرة قريبة، فأنزل الله: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ
= والحديث في سنن الترمذي ج ٣ ص ٦٨ حديث رقم ١٦٢٢ (أبواب السير) باب: ما جاء في الغلول، بلفظ: حدثنا الحسن بن على، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا سماك أبو زميل الحنفي قال: سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب قال: قيل يا رسول الله: إن فلانا قد استشهد، قال: "كلا؛ قد رأيته في النار بعباءةٍ قد غَلَّهَا" قال: "قم يا عمر فناد أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمن ثلاثًا".