للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كفارًا؛ لموافقتهم في صورة الفعل، وهذا يدل أيضًا على موافقة الآية للأحاديث الصحيحة المتواترة المانعة عن البناء على القبور والتي جاء النهي فيه صراحة (١).

٥ ليس في الآية إلا حكاية عن قول طائفة من الناس، وعزمهم على فعل ذلك، وليس خارجة مخرج المدح لهم، أو الحض على التأسي بهم، فمتى لم يثبت أن فيهم معصومًا، فلا يُعدّل فعلهم فضلاً عن تقرير مشروعية ما كانوا بصدده (٢).

٦ أن الآية الكريمة لم يثبت فيها دليل على أن الذين غلبوا على أمرهم تم لهم بناء المسجد (٣).

٧ ولو افترضنا صحة استدلالهم فإنما يستقيم على طريقة القرآنيين، الذين يكتفون بالقرآن وينبذون السُّنَّة الصحيحة (٤). وهذا إن كان في الآية استدلال أصلاً.

قال المفسّر محمود الألوسي : وبالجملة لا ينبغي لمن له أدنى رشد أن يذهب إلى خلاف ما نطقت به الأخبار الصحيحة والآثار الصريحة معولاً على الاستدلال بهذه الآية فإن ذلك في الغواية غاية وفي قلة النهي نهاية، ولقد رأيت من يبيح ما يفعله الجهلة في قبور الصالحين من إشرافها وبنائها بالجص والآجر وتعليق القناديل عليها والصلاة إليها والطواف بها واستلامها والاجتماع عندها في أوقات مخصوصة إلى غير ذلك محتجًّا بهذه الآية الكريمة (٥).


(١) يُنظر: بدع القبور (١٨٩)، مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور، لعبد العزيز الراجحي (١٣٠).
(٢) يُنظر: تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد، للألباني (٦٥ - ٦٦).
(٣) يُنظر: جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (١٦٥٤).
(٤) يُنظر: مجلة التوحيد المصرية (١٧)، العدد (٦ جمادى الآخرة ١٤١٠ هـ)، نقلاً من تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي (٢/ ٧٢).
(٥) يُنظر: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني (٨/ ٢٢٧).

<<  <   >  >>