للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* الشبهة الثانية: الاستدلال بقبر النبي على جواز اتخاذ القبور مساجد والبناء عليها، والاحتجاج بأنه لو كان منهيًا عنه لما اتُّخذ مسجدًا، ولما بُنيت عليه القبة الخضراء.

توطئة قبل تفنيد الشبهة:

قبل الخوض في الرد على هذه الشبهة أود أن أعرض لمحة تاريخية موجزة عن المراحل التي مرّ بها قبر الرسول والأطوار والتغيرات التي طرأت على المسجد النبوي، وما حول حجرة عائشة ، والتي سأحاول بعون الله اختصارها في ثلاث فترات وأطوار:

الفترة الأولى: ما بين عام (١١ هـ) إلى عام (٣٥ هـ) تقريبًا.

توفي النبي يوم الاثنين ١٢/ ربيع الأول/ ١١ هـ (١)، ودُفن في حجرة عائشة كما قالت : لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ شَيْئًا ما نَسِيتُهُ، قَالَ: «مَا قَبَضَ اللهُ نَبِيًّا إِلاَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُدْفَنَ فِيهِ»، ادْفِنُوهُ فِي مَوْضِعِ فِرَاشِهِ (٢).

فدُفن في الحجرة التي كان في حياته يخرج منها إلى مسجده وهذا أمر معروف مقطوع به عند علماء المسلمين، ولا خلاف فيه بينهم (٣).

ازداد عدد المسلمين في عهد الخليفتين الراشدين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان فقاما بتوسعة المسجد النبوي من كل الاتجاهات ما عدا


(١) يُنظر: تاريخ الأمم والملوك، لابن جرير الطبري (١/ ٤٥٣)، البداية والنهاية، لابن كثير (٢/ ٦٦٢).
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه، أبواب الجنائز عن رسول الله ، باب ما جاء في دفن النبي حيث قبض (٢/ ٣٢٧/ ح ١٠١٨)، وابن ماجه في سننه أبواب الجنائز، باب ذكر وفاته ودفنه (٢/ ٥٥٠/ ح ١٦٢٨)، صححه الألباني في مختصر الشمائل (١٩٥).
(٣) يُنظر: تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد، للألباني (٧٨ - ٧٩).

<<  <   >  >>