للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهنا اجتمع في إحياء الأثر وتهيئته مصلحة متوهمة، ومفسدة متحققة، وعند علماء أهل السُّنَّة إذا اجتمعت مصلحة ومفسدة في أمر ما، يبادرون في سدّ باب المفسدة، حفاظًا على الدين، وبناءً على القاعدة الشرعية المقررة: درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح، واعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات (١).

٤ دعوى وضع درج للجبال أو شاخص ينصب في أعلاه: كجبل عرفة، فيه تغرير بالحجيج، ومساهمة بالإثم، وإقرار بإغرائهم؛ لاعتقاد مشروعية صعوده في نفوس العامة من أقطار العالم (٢).

وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى حول توسيع الممر المؤدي إلى أعلى قمة الجبل الذي اشتهر باسم جبل الرحمة حلًّا لمشكلة الزحام الذي سهل على النشالين سرقة حجاج بيت الله الحرام بإزالة المصلى الواقع في وسط هذا الممر تحقيقًا للتوسعة.

وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي: لم يثبت عن النبي أنه حث على صعود جبل عرفات الذي اشتهر عند الناس باسم: جبل الرحمة، ولم يكن من هديه صعود هذا الجبل في حجه ولا اتخذه منسكًا، وقد قال : «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (٣)، ودرج على ذلك الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة ومن تبعهم بإحسان، فلم يكونوا يصعدون على هذا الجبل في حجهم ولا اتخذوه منسكًا لهم؛ اقتداء برسول الله ، والذي ثبت أنه وقف تحت هذا الجبل عند الصخرات الكبار …

ولذا قال كثير من العلماء: إن صعود هذا الجبل في الحج على وجه النسك بدعة، منهم الإمام النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ صديق خان، وبهذا يعلم أنه لا ينبغي توسعة هذا الممر، ولا السعي في جعله طريقًا مسلوكًا لما فيه من تقرير البدعة وتسهيل الطريق لفاعليها، وقد قال : «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً


(١) يُنظر: الأشباه والنظائر، للسبكي (١/ ١٠٥).
(٢) يُنظر: جبل إلال بعرفات تحقيقات تاريخية شرعية (٧٧).
(٣) سبق تخريجه، للعودة إليه راجع فضلاً (٣٨٦).

<<  <   >  >>