للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها، ووسائل الطاعات والقُرُبَات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غاياتها؛ فوسيلة المقصود تابعة للمقصود، وكلاهما مقصود، لكنه مقصودٌ قصدَ الغاياتِ، وهي مقصودة قصد الوسائل؛ فإذا حَرَّمَ الربُّ تعالى شيئًا وله طرق ووسائل تُفْضِي إليه فإنه يحرمها ويمنع منها، تحقيقًا لتحريمه، وتثبيتًا له، ومنعًا أن يقرب حِمَاه، ولو أباح الوسائل والذرائع المُفْضِية إليه لكان ذلك نقضًا للتحريم، وإغراءً للنفوس به.

وحكمته تعالى وعلمه تأبى ذلك كل الإباء؛ بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك؛ [وللَّه المثل الأعلى] فإن أحدَهم إذا منع جُنْدَه أو رعيته أو أهل بيته من شيء ثم أباح لهم الطرق والأسباب والذرائع الموصِّلة إليه لعدَّ متناقضًا، ولحصل من رعيته وجنده ضدّ مقصوده (١).

ب لو سلمنا بدعوى لا ذريعة لإحياء عين الأثر بالتهيئة وتذليل الوصول إليه، وافترضنا وجود مصلحة مادية اقتصادية، فنقول بناء على هذه الدعاوى: إن قواعد المصالح كلها تقتضي المنع، ودونك البيان:

١ إذا تزاحمت المصالح قُدّم أعلاها؛ فإن مصلحة حفظ الدين، أعلى من المصالح الدنيوية (٢).

٢ إذا تعارضت المصلحة والمفسدة، قدّم أرجحهما، ولا شك أن الراجح هو تحقق مفسدة البدع والشرك التي ستحصل، فتمنع المصلحة حتى لا تتحقق المفسدة (٣).

٣ درء المفسدة مقدّم على جلب المصلحة، فالمفسدة متحققة، وهي تهيئة المكان للزائرين؛ لأجل القربة لله ﷿ بالتعبد والتبرك والتمسح وتقبيل المكان.

والمصلحة متوهمة وهي تهيئة المكان للسياحة ورفع المستوى الاقتصادي والدخل المادي، ولسلامة الزائرين؛ لأجل الاطلاع والمشاهدة لا للقربة والعبادة.


(١) إعلام الموقعين عن ربِّ العالمين (٤/ ٥٥٣).
(٢) يُنظر: قواعد تعارض المصالح والمفاسد، لسليمان الرحيلي (٦١ - ٩٤).
(٣) يُنظر: المرجع السابق (١٢٨ - ١٤٩).

<<  <   >  >>