للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (١)، ولم يكن من هديه أن يصلي نفلاً بموقف عرفات؛ بل اكتفى بصلاة الظهر والعصر في مسجد نمرة، جمعًا وقصرًا، ولا اتخذ مصلى بما يسمى جبل الرحمة ليصلي فيه من صعد على هذا الجبل نافلة أو فريضة في يوم عرفات؛ بل اشتغل بعد صلاته الظهر والعصر بذكر الله تسبيحًا وتهليلاً وتحميدًا وتكبيرًا وتلبية، وبدعاء ربه والضراعة إليه، حتى غربت الشمس.

فاتخاذ مصلى أو مسجد على هذا الجبل ليصلي فيه من صعد عليه من البدع التي أحدثها الجهال، فينبغي إزالة المصلى الحالي لا لتوسعة الممر؛ بل للقضاء على البدعة، ولئلا يتمكن أهل المنكر والخداع من التلبيس على الأغرار من حجاج بيت الله الحرام، وقطعًا لأطماع هؤلاء من الصعود بالحجاج إلى قمة هذا الجبل أو إلى مصلاه، وتعريض الحجاج للمتاعب وسرقة أموالهم، على أن المكان الذي في هذا الجبل ليصلي فيه من صعد على الجبل لا يعطى أحكام المساجد، وعلى هذا جرى التوقيع، وبالله التوفيق وصلى الله على نبيِّنا محمد وآله وصحبه وسلم (٢).

* الشبهة الخامسة (٣): ادعاء الأمن من الشرك، وأنه لن يعود إلى مهد الإسلام، احتجاجًا بحديث جابر قال: سمعت النبي يقول: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» (٤).

تفنيد هذه الشبهة:

١ حديث جابر صحيح ثابت، لكن لا يدل على عدم عودة الشرك إلى جزيرة العرب؛ لثبوت الآثار الحديثية النبوية المروية الدّالة على حصول الشرك.

كما قال : «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي


(١) سبق تخريجه، للعودة إليه راجع فضلاً (١٦٤).
(٢) فتاوى اللجنة الدائمة (المجموعة الأولى/ ١١/ ٢٠٦ - ٢٠٨).
(٣) يُنظر: لا ذرائع لهدم آثار النبوة، لصالح كامل (٢٥ - ٢٨).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينًا، (٤/ ٢١٦٦/ ح ٢٨١٢).

<<  <   >  >>