٣ مهما عمل أهل الحق من احتياط أو تحفظ فلن يحول ذلك بين الجهال وبين المفاسد المترتبة على تعظيم الآثار؛ وما سيؤول الأمر إليه من توهم كثير من الناس بأنها من مقتنيات الرسول ﷺ الحقيقية، فيتبركون بها كما كان الصحابة ﵃ يتبركون بالآثار المنفصلة حقيقة عن جسده الشريف ﷺ.
فأهل التبرك والشرك إنما يتعلقون بأي أثرٍ أو رمزٍ، ولو لم يكن له حقيقة، فكل ما يرمز إلى معظّم عندهم يتخذونه وثنًا يعبد من دون الله، فهم لا يفرقون بين الآثار الحقيقية والآثار المبتدعة، كما هو الحاصل من التبرك والتمسح بجدران دار المولد في مكة؛ ظنًّا منهم أن ذلك قربة إلى الله ﷾ ولحصول الشفاعة وكشف الكربة.
ومما يدل على ذلك ما يحصل أيضًا في غار حراء وغار ثور اللذين دخلهما النبي ﷺ للحاجة ولم يعد إليهما بعد ذلك، وقد صارا مزارًا للمبتدعة ومحل تبرك يُمارس عندها كثير من أنواع الشرك والبدع والخرافات.
ويشاهد العاقل ذلك واضحًا في بعض البلاد التي بُليت بالتعلق بالأضرحة كيف أصبحوا يعبدونها من دون الله، ويطوفون بها كما يطاف بالكعبة؛ بحجة أن أهلها أولياء فإذا كان الأمر كذلك مع الأولياء وهم دون رتبة النبي، فكيف لا يُخشى من التبرك في هذه المجسمات التي تحاكي آثار النبي ﷺ.
والمتأمل لآثار المتحف التي تحاكي آثار الرسول؛ قصد التذكير به ﷺ وبسيرته يجد أنها مماثلة للصور التي رسمها الجهال للصالحين الأولين: ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، وهي لم تكن من آثارهم؛ بل هي صور أحدثها غيرهم للتذكير بالأعمال الصالحة، فعُبدت تلك الصور المختَرَعة بعد زمن.
فالأمم السابقة إنما أُهلكت بسبب إحياء آثار أنبيائها والتبرك بها، وإعراضهم عما جاءت به رسلهم، أفلا يكون لنا بهم عبرة؟
فالصحابة والسلف الصالح لما فنيت آثار النبي ﷺ من ملابسه وأوانيه لم