للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعوة المضطرِّ ولو كان كافرًا، وقد قال تعالى: ﴿كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا *﴾ [الإسراء]، وقد قال الخليل: ﴿وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾، فقال الله : ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ *﴾ [البقرة].

فليس كلُّ من أجاب الله دعاءه يكون راضيًا عنه، ولا محبًّا له، ولا راضيًا بفعله، فإنه يجيب البَرَّ والفاجر، والمؤمن والكافر. وكثير من الناس يدعو دعاءً يَعْتدي فيه، أو يُشرك في دعائه، أو يكون مما لا يجوز أن يُسأل، فيحصل له ذلك أو بعضه، فيظن أن عمله صالح مُرضٍ لله، ويكون بمنزلة من أُمْلِيَ له، وأُمِدّ بالمال والبنين، وهو يظن أن الله يُسارع له في الخيرات.

وقد قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٤٤].

فالدعاء قد يكون عبادة، فيثاب عليه الداعي، وقد يكون دعاءَ مسألةٍ تُقضى به حاجته، ويكون مضرةً عليه، إما أن يعاقب بما يحصل له، أو تنقص به درجته، فتُقضى حاجتُه، ويعاقبه على ما جرى عليه من إضاعة حقوقه، وارتكاب حدوده (١).

يتبين مما سبق أن حصول المطلوب ليس دليلاً على صحة السبب الشركي، وليس هو مسوغًا للوسائل الشركية بحجة التجربة، كما أجاد وأفاد شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في توضيح هذه المسألة، وبيّنت بطلان اعتقاد ذلك.

* الشبهة الرابعة: ادّعاء أن أثر النعال، محفوظ ومحمي من الماء والشمس، وقياس بقائه كبقاء جلود الكتب والكواغد (٢).

تفنيد هذه الشبهة:

١ استخدام الكتب مختلف تمامًا عن استخدام النعل من ناحية الاستهلاك في بداية الأمر، والحاصل من استخدام النعل المشي والاحتكاك والتعرض للحرارة والماء، والخشونة الأرضية وغيرها من الأمور التي تُتلف


(١) إغاثة اللهفان (١/ ٣٨٨).
(٢) يُنظر: سلوة الأنفاس، للكتاني (٣٩١).

<<  <   >  >>