للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النعل قبل الاحتفاظ به، وليست كجلود الكتب والكواغد التي تكون محفوظة قبل وبعد الكتابة عليها، ولا تستهلك كلبس النعال، ولم تتعرض لما تعرضت له النعال.

٢ يؤيد ذلك ما حُكي عن النبي من أنه كان يلبس الخفين حتى تخرقا (١).

٣ علميًّا: عمر الجلود وبقاؤها له مدة معينة، كما ذكر بعض المختصين بدباغة الجلود من أهل الحرفة عن النعلين المنسوبتين إلى النبي بقوله: إن كانتا من الجلد النيئ غير المدبوغ فإنه يسوس، وإن كانتا من الجلد السبتي المدبوغ الذي ليس فيه شعر، فإنه يكرف وييبس ويتمزق، وإن كانتا من الجلد الإفرنجي العنان، فإنه يكرف ويتمزق أيضًا، ولا أثر لبقاء وجودهما إلى الآن، ومن ادّعى شيئًا من ذلك، فلا يصدقه العرف في دعواه (٢).

ومما يستأنس الاستدلال به؛ لبيان أن الكذب حولهما من قديم الزمان، ما حُكي في زمان الخليفة المهدي (٣) أنه جاءه رجل وفي يده نعل في منديل، فقال: يا أمير المؤمنين، هذه نعل رسول الله قد أهديتها لك.

فقال: هاتها، فدفعها إليه، فقبل باطنها ووضعها على عينيه، وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم، فلما أخذها وانصرف.

قَالَ لجلسائه: أترون أني لم أعلم أن رسول الله لم يرها فضلاً عن أن يكون لبسها؟

ولو كذبناه، قَالَ للناس: أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله ، فردها


(١) أخرجه الترمذي في جامعه، أبواب اللباس عن رسول الله ، باب ما جاء في لبس الجبة والخفين (٣/ ٣٧٠/ ح ١٧٦٩)، والترمذي في الشمائل، باب ما جاء في خف رسول الله (١/ ٦٨/ ح ٧٤)، والطبراني في الكبير، باب الميم، عامر الشعبي عن المغيرة (٢٠/ ٤١٣/ ح ٩٩١)، ضعفه الألباني في مختصر الشمائل (ص ٥٢/ ح ٥٩).
(٢) مناقب الوزاني، لمحمد الطيب، كما أشار إلى ذلك الكتاني في سلوة الأنفاس (٣٩١)، ونقله عنهما أحمد تيمور في الآثار النبوية (١٢٦).
(٣) أبو عبد الله محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي العباسي المهدي بالله، من خلفاء الدولة العباسية في العراق، توفي سنة (١٦٩ هـ)، يُنظر: الأعلام، للزركلي (٦/ ٢٢١).

<<  <   >  >>