للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنَّ الصيام فيه مقاومة لشهوات النفس بحرمانها من لذة الطعام والشراب، وهم يريدون ذلك الطعام والشراب فتعارض الغرضان، فآثروا ما يحبون على ما يحب الله، وهذا بعينه أعظم الزلل عند أهل البصائر والنهى (١).

٣ لا ننكر مشروعية صيام الاثنين، فصومه مستحب على طوال العام، لا في وقت دون آخر، ولكن قياس ما هو مشروع وهو الصيام على ما لم يشرع وهو الاحتفال، قياس باطل، عاطل، فاسد، كاسد؛ لوجود الفارق (٢).

* الشبهة الخامسة (٣): الاحتجاج برؤية منامية: رآها أحدهم في أبي لهب بعد موته، فقيل له: ما حالك؟ فقال: في النار، إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين، وأمص بين أصبعي ماء بقدر هذا وأشار لرأس أصبعه وأن ذلك بإعتاقي لثويبة، عندما بشرتني بولادة النبي وبإرضاعها له.

فإذا كان أبو لهب الكافر، الذي نزل القرآن بذمه قد جوزي بالتخفيف عنه؛ لفرحة بليلة مولد النبي به، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي الذي يسر بمولده.

تفنيد هذه الشبهة:

١ أن هذا الخبر جاء مرسلاً وعلى ذلك لا يصح الاستدلال به؛ لأنه ضعيف (٤).

إذ إنه لم يثبت من طريق صحيح أن أبا لهب فرح بولادة النبي ، ولا إن ثويبة بشرته بولادته، ولا إنه أعتق ثويبة من أجل البشارة بولادة النبي ، فكل هذا لم يثبت، ومن ادّعى ثبوت شيء من ذلك، فعليه إقامة الدليل على ما ادَّعاه، ولن يجد إلى الدليل الصحيح سبيلاً (٥).


(١) يُنظر: الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف، لأبي بكر الجزائري (٣٧٢).
(٢) يُنظر: الاحتفال بالمولد بين الاتباع والابتداع، لمحمد بن شقير (٩٣٢).
(٣) يُنظر: الحاوي للفتاوى، للسيوطي (١/ ٢٣٠).
(٤) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (٩/ ١٤٥).
(٥) يُنظر: الرد القوي، لحمود التويجري (٥٦).

<<  <   >  >>